٣٣٤٢- جَعَلتُ أعْراضَ الكِرامِ سَكَرَا... أي : تنقلتُ بأعراضهم.
وقيل في البيت بأنه من الخمر، وأنه إذا انتهك أعراض النَّاس كان يخمر بها.
وقال الضحاك والنَّخعي ومن يبيحُ شرب النبيذ : السَّكر هو النبيذ؛ وهو نقيع التمر والزبيب إذا اشتدَّ، والمطبوخ من العصير.
ومن حرَّمه يقول : المراد من الآية : الإخبار لا الإحلال.
قوله :﴿ وَرِزْقًا حَسَنًا ﴾ يجوز أن يكون من عطف المتغايرات، وهو الظاهر؛ كما قال المفسرون : إنه كالزَّبيب والخلِّ والدِّبس ونحو ذلك وأن يكون من عطف الصِّفات بعضها على بعضٍ، أي : تتَّخذون منه ما يجمع بين السَّكر والرِّزق الحسن؛ كقوله :[ المتقارب ]
٣٣٤٣... - إلى المَلِكِ القَرْمِ وابنِ الهُمام
...................... فصل
ذهب ابن مسعود، وابن عمر، وسعيد بن جبير، والحسن، ومجاهد إلى أن السَّكر الخمر، والرزق الحسن الخلُّ والربُّ والتَّمر والزَّبيب.
قالوا : وهذا قبل تحريم الخمر؛ لأن هذه السورة مكية، وتحريم الخمر نزل في سورة المائدة.
قال بعضهم : ولا حاجة إلى التزام النَّسخ؛ لأنه - تعالى - ذكر ما في هذه الأشياء من المنافع، وخاطب المشركين بها؛ لأنها من أشربتهم، فهي منفعة في حقِّهم.
ثم إنه - تعالى - نبَّه في هذه الآية أيضاً على تحريمها؛ لأنه ميَّز بينها وبين الرزق الحسن في الذكر، فوجب أنَّ السَّكر لا يكون رزقاً حسناً؛ وهو حسن بحسب الشَّهوة، فوجب أن يقال : بأن الرجوع عن كونه حسناً بحسب الشَّريعة، وإنَّما يكون كذلك إذا كانت محرَّمة.
ثم إنه - تعالى - لمَّا ذكر هذه الوجوه الَّتي هي دلائل على التَّوحيد من وجه، وتعديد للنِّعم العظيمة من وجه آخر - قال - جل ذكره- :﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ أي : من كان عاقلاً، علم بالضرورة أن هذه الأحوال لا يقدر عليها إلا الله تعالى -، فيحتجُّ بأصولها على وجود الإله القادر الحكيم.


الصفحة التالية
Icon