الثالث : أنه منصوب ب « رِزْقاً » على أنه اسمُ مصدر، واسم المصدر يعمل عمل المصدر، على خلاف في ذلك.
ونقل مكِّي : أن اسم المصدر لا يعمل عند البصريين إلا في شعر، وقد اختلف النقلة عن البصريِّين؛ فمنهم من نقل المنع، ومنهم من نقل الجواز.
وقد ذكر الفارسي انتصابه ب « رِزْقاً » كما تقدَّم.
ورد عليه ابن الطراوة : بأن الرِّزق اسم المرزوق، كالرِّعي، والطحن. وردَّ على ابن الطراوة؛ بأنّ الرزق بالكسر أيضاً مصدر، وقد سمع فيه ذلك، وظاهر هذا أنه مصدر بنفسه لا اسم مصدر.
قوله تعالى :﴿ وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ ﴾ يجوز في الجملة وجهان :
العطف على صلة « مَا »، والإخبار عنهم بنفي الاستطاعة على سبيل الاستئناف، ويكون قد جمع الضمير العائد على « مَا » باعتبار معناها؛ إذ المراد بذلك آلهتهم.
ويجوز أن يكون الضمير عائداً على العابدين.
فإن قيل : قال - تعالى - :﴿ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَمْلِكُ ﴾ فعبَّر عن الأصنام بصيغة « ما » وهي لغير العاقل، ثم جمع بالواو والنون فقال :« ولا يَسْتَطِيعُون »، وهو مختص بأولي العلم.
فالجواب : أنه عبَّر عنها بلفظ « مَا » اعتباراً باعتقادهم أنَّا آلهة، والفائدة في قوله :« ولا يَسْتَطِيعُونَ » أنَّ من لا يملك شيئاً قد يوصف باستطاعته أن يمتلكه بطريقٍ من الطرق فبيَّن - تعالى - أنَّ هذه الأصنام لا تملك وليس لها استطاعة تحصيل الملك.
ثم قال - تعالى - :﴿ فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ الأمثال ﴾ يعني : الأشباه فتشبهونه بخلقه وتجعلون له شريكاً؛ فإنه واحد لا مثل له - سبحانه وتعالى-.
ثم قال :﴿ إِنَّ الله يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ يعني : أن الله يعلم ما عليكم من العقاب العظيم، وأنتم لا تعلمون خطأ ما تضربون من الأمثال، وحذف مفعول العلم اختصاراً أو اقتصاراً.


الصفحة التالية
Icon