قوله تعالى :﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الكتاب وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ ﴾ تقدَّم نظير ﴿ تِلْكَ آيَاتُ ﴾ أول الرعد، والإشارة ب « تِلْكَ » إلى ما تظمنته السورة من الآيات، ولم يذكر الزمشخريُّ غيره.
وقيل : إشارة إلى الكتاب السالف، وتنكير القرآن للتفخيم، والمعنى : تلك آياتُ ذلك الكتاب الكالم في كونه كتاباً، وفي كونه قرآناً مفيداً للبيان.
والمراد ب « الكِتَابِ » وال « قُرآن المبينِ » : الكمتاب الذي وعد به محمد صلوات الله وسلام عليه، أي : مبين الحلال من الحرامِ، والحقَّ من الباطل.
فإن قيل : لِمَ ذكر الكتاب، ثم مقال :« وقُرْءَانٍ »، وكلاهما واحدٌ؟.
قيل : كلُّ واحدٍ يفيد فائدة أخرى؛ فإنَّ الكتاب ما يكتبُ، والقرآن ما يجمع بضعه إلى بعض.
وقيل : المراد ب « الكِتَابِ » التَّوراةُ والإنجيلُ، فيكون اسم جنسٍ، وبال « قرآن » : هذا الكتاب.
قوله :﴿ رُّبَمَا يَوَدُّ ﴾ في « رُبَّ » قولان :
أحدهما : أنها حرف جرٍِّ، وزعم الكوفيُّون، وأبو الحسنِ، ابنُ الطَّراوة : أنها اسمٌ، ومعناها : التَّقليلُ على المشهور.
وقيل : تفيد التكثير في مواضع الاتفخار؛ كقوله :[ الطويل ]
٣٢٥٣ فَيَا رُبَّ يَوْمٍ قَدْ لَهوْتَُ ولَيْلةٍ | بآنِسَةٍ كأنَّها خَطُّ تِمْثَالِ |
وفيها سبعة عشرة لغة وهي :
« رُبَّ » بضمِّ الراءِ وفتحها كلاهما مع تشديتد الباء، وتخفيفها، فهذه أربع، ورويت بالأوجه الأربعة، مع تاء التأنيث المتحركة، و « رُب » بضم الراء وفتحها مع إسكان الباء، و « رُبُّ » بضم الراء وةالباء معاً مشددة ومخففة، و « رُبَّت ».
وأشهرها :« رُبَّ » بالضم والتشديد والتخفيف، وبالثانية قرأ عاصمٌ ونافعٌ وباتصالها بتاء التأنيث، قرأ طلحة بن مصروف، وزيد بن علي :« رُبَّتما »، ولها أحكام كثيرة :
منها : لزوم تصديرها، ومنها تنكير مجرورها؛ وقوله :[ الخفيف ]
٣٢٥٤ رُبَّما الجَاملِ المُؤبل فِيهمْ | وعَناجيجُ بَينهُنَّ المَهارِي |
ويجر ضمير لازم التفسير بعده، ويستغنى بتثنيتها وجمعها، وتأنيثها عن تثنية الضمير، وجمعه، وتأنيثه؛ كقوله :[ البسيط ]
٣٢٥٥...................... | ورُبَّهُ عَطِباً أنْقَذْتَ مِنْ عَطَبِهْ |
٣٢٥٦ يَا رُبَّ قائلةٍ غَدًا | يَا لَهْفَ أم مُعاوِيًَه |
٣٢٥٧ فَإن أهْلِكَ فرُبَّ فتًى سَيَبْكِي | عَليَّ مُهذَّبٍ رَخْصِ البَنانِ |
٣٢٥٨ يَا رُبَّ قَائلةٍ غَداً | .......................... |