قال الكلبي : يدلكم على صراط مستقيم.
وقيل : هو رسول الله ﷺ.
وقيل : كِلا المثلين للمؤمن والكافر، يرويه عطيَّة عن ابن عباس رضي الله عنه.
قال عطاء : الأبكم : أبيُّ بن خلف، ﴿ وَمَن يَأْمُرُ بالعدل ﴾ : حمزة، وعثمان بن عفان وعثمان بن مظعون - رضي الله عنهم-.
وقال مقاتل : نزلت في هاشم بن عمرو بن الحارث بن ربيعة القرشي، وكان قليل الخير، يعادي رسول الله ﷺ.
وقيل : نزلت في عثمان بن عفَّان ومولاه، كان مولاه يكره الإسلام.
وقيل : المراد كل عبد موصوف بهذه الصفات الذَّميمة، وكل حرٍّ موصوف بتلك الصفات الحميدة، وهذا أولى من القول الول؛ لأن وصفه - تعالى - إياهما بكونهما رجلين يمنع من حمل ذلك على الوثن، وكذلك وصف الآخر بأنه على صراط مستقيم يمنع من حمله على الله - تعالى-.
قوله - تعالى- :﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السماوات والأرض ﴾ الآية لما مثَّل الكافر بالأبكم العاجز، ومثَّل نفسه بالذي يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم، ومعلومٌ أنه لا يكون آمراً بالعدل وهو على صراط مستقيم إلاّ إذا كان كاملاً في العلمِ والقدرةِ فذكر في هذه الآية بيان كونه كاملاً في العلم والقدرة.
أمَّا بيان كمال العلم، فقوله - تعالى - :﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السماوات والأرض ﴾ أفاد الحصر بأنَّ العلم بهذه الغيوب ليس إلا لله - تعالى-.
وأما بيان كمال القدرة، فقوله - تعالى- :﴿ وَمَآ أَمْرُ الساعة إِلاَّ كَلَمْحِ البصر ﴾ والسَّاعة : هي الوقت الذي تقوم فيه القيامة، سمِّيت ساعة؛ لأنَّها تفجأ الإنسان في ساعة يموت الخلق كلهم بصيحة واحدة أي إذا قال له :﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [ يس : ٨٢ ] والمراد ب « لَمْحِ البَصرِ » : طرفةُ العين وهو النظر بسرعة، يقال : لَمحَهُ بِبصَرِه لَمْحاً ولَمحَاناً، وقيل : أصله من لَمحَانِ البَرْق، وقولهم : لأرينَّك لَمْحاً بَاصِراً، أي : أمْراً وَاضِحاً، والمراد بيان كمال القدرة.
وقوله :﴿ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ﴾ ليس المراد منه الشَّك، بل المراد : بل هو أقرب.
قال الزجاج : المراد به : الإبهام على المخاطبين أنه - تعالى - يأتي بالسَّاعة إما بقدر لمح البصر، أو بما هو أسرع؛ لأنَّ لمح البَّصر عبارة عن انتقال الطَّرف من أعلى الحدقةِ إلى أسفلها، والحَدقةُ مركبة من أجزاء لا تتجزَّأ، فلمح البصر عبارة عن المرور على جملة أجزاءِ الحدقةِ، ولا شكَّ أنَّ تلك الأجزاء كثيرة، والزَّمانُ الذي يحصل فيه لمحُ البصر مركب من أزمانٍ متعاقبةٍ، والله - تعالى - قادرٌ على إقامة القيامة في زمان واحد من تلك الأزمان؛ فلهذا قال - تعالى - :﴿ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ﴾ تنبيهاً على ذلك، فقوله :﴿ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ﴾، أي : أمره، فالضمير للأمر، والتقدير : أو أمر الساعة أقرب من لمح البصر.
﴿ إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ نزلت في الكفَّار الذين استعجلوا القيامة استهزاءً.


الصفحة التالية
Icon