٣٢٦٣......................... | لَوْلاَ الكَمِيَّ المُقَنَّعَا |
وقوله :[ الوافر ]
٣٢٦٤ ولَوْلاَ يَحْسِبُونَ الحِلْمَ عَجْزاً | لمَا عَدِمَ المُسِيئُونَ احْتِمَالِي |
فمن مجيء « لَوما » حرف امتناعٍ قوله :[ البسيط ]
٣٢٦٥ لَوْمَا الحيَاءُ ولَوْمَا الدِّينُ عِبْتُكمَا | بِبعْضِ ما فِيكُمَا إذْ عِبْتُما عَورِي |
فقال الزمخشري :« لَوْ » ركبت مع « لا »، ومع « مَا » ؛ لمعنيين، وأمَّا « هَلْ » فلم تركَّب إلاَّ مع « لا » وحدها؛ للتحضيض.
واختلف أيضاً في « لَوْمَا » هل هي أصلٌ بنفسها، أم فرعٌ على « لَوْلاَ » وأنَّ الميم مبدلة من اللام، كقولهم : خاللته، خالمته، فهو خِلِّي وخِلْمِي، أي : صديقي.
وقالوا : استولى على كذا، [ واسْتَوَى ] عليه؛ بمعنًى، خلاف مشهور، وهذه الجملة من التحضيض، دالةٌ على جواب الشرط بعدها.
فصل في معنى الآية
المعنى : لو كنت صادقاً في أدَّعائك النُّبوَّة، لأتيتنا بملائكة يشهدون عندنا بصدقكم فيما تدَّعيه من الرسالة؛ ونظيره قوله تعالى في الأنعام :﴿ وَقَالُواْ لولاا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمر ﴾ [ الأنعام : ٨ ] ويحتمل أن النبيَّ ﷺ لمَّا خوَّفهُم بنزول العذاب، قالوا : لو ما تأتينا بالملائكة الذين ينزلون العذاب، وهو المراد من قوله :﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالعذاب وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَآءَهُمُ العذاب ﴾ [ العنكبوت : ٥٣ ].
ثم إنه تعالى أجاب عن شبهتهم بقوله :﴿ مَا نُنَزِّلُ الملائكة إِلاَّ بالحق وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ ﴾ فإذا كان المراد الأول، كان تقرير الجواب : أنَّ إنزال الملائكة لا يكون إلا بالحقِّ، وقد علم الله تعالى من حال هؤلاء الكفار، أنه لو أنزل عليهم ملائكة، لبقوا مصرِّين على كفرهم، فيصير إنزالهم عبثاً باطلاً، ولا يكون حقًّا، فلهذا السبب ما أنزل الله تعالى الملائكة.
قال المفسرون : المراد بالحق هنا الموت، أي : لا ينزلون إلا بالموتِ، أو بعذابٍ الاستئصال، ولم يبق بعد نزولهم إنظارٌ، ولا إمهال، ونحن لا نريد عذاب الاستئصال بهذه الأمة؛ فلهذا السبب ما أنزلنا الملائكة، وإن كان المراد استعجالهم بنزول العذاب فتقرير الجواب : أنَّ الملائكة لا تنزل إلاَّ بعذاب الاستئصال، ولا تفعل بأمَّة محمد ﷺ ذلك؛ بل يمهلهم لما علم من إيمان بعضهم، ومن إيمان أولاد الباقين.
قوله :﴿ مَا نُنَزِّلُ الملائكة ﴾، قرأ أبو بكر رضي الله عنه :« ما تُنزَّلُ » بضمِّ التاء، وفتح النون، والزاي مشدَّدة، مبنيًّا للمفعول، « المَلائِكةُ » : مرفوعاً لقيامه مقام فاعله، وهو موافقٌ لقوله تعالى :