قوله :﴿ وَعْدُ ﴾ أي : موعود، فهو مصدر واقع موقع مفعول، وتركه الزمخشريُّ على حاله، لكن بحذف مضافٍ، أي : وعدُ عقاب أولاهما. وقيل : الوعدُ بمعنى الوعيد، وقيل : بمعنى الموعد الذي يراد به الوقت، فهذه أربعة أوجهٍ، والضمير عائدٌ على المرَّتينِ.
قوله :« ‘ِبَاداً لَنَا » العامة على « عِبَاد » بزنة فِعَال، وزيد بن عليٍّ والحسن « عَبِيداً » على فعيل، وتقدَّم الكلام على ذلك.
وقوله :« فَجاسُوا » عطف على « بَعثْنَا »، أي : ترتَّب على بعثنا إياهم هذا. وجُوس بفتح الجيم وضمها مصدر جاسَ يَجُوسُ، أي : فتَّش ونقَّب، قاله أبو عبيدٍ، وقال الفراء :« قَتلُوا » قال حسان :[ الطويل ]
٣٣٧٦- ومِنَّا الَّذي لاقَى بِسيْفِ مُحمَّدٍ | فَجَاسَ بِهِ الأعْداءُ عَرْضَ العَساكرِ |
٣٣٧٧- فَجُسْنَا دِيَارهُمْ عَنْوَةً | وأبْنَا بِسَاداتِهمْ مُوثَقِينَا |
٣٣٧٨- إلَيْكَ جُسْنَا اللَّيْلَ بالمَطِيِّ... وقيل : الجَوْسُ : التردُّد. ق لالليث : الجَوْس، والجوسان : التردُّد وقيل : طلب الشيءِ باستقصاءٍ، ويقال :« حَاسُوا » بالحاءِ المهملة، وبها قرأ طلحةُ وأبو السَّمَّال، وقُرِئ « فجُوِّسُوا » بالجيم، بزنة نُكِّسُوا.
و « خلال الدِّيارِ » العامة على « خِلال » وهو محتملٌ لوجهين :
أحدهما : أنه جمعُ خللٍ؛ كجِبال في جبل، وجمال في جَمل.
والثاني : أنه اسمٌ مفردٌ بمعنى وسطٍ، ويدل له قراءة الحسن « خَلَلَ الدِّيارِ ».
قوله :« وكان وعْداً »، أي : وكان الجوسُ، أو وكان وعْدُ أولاهما، أو وكان وعدُ عقابهم.
قوله تعالى :﴿ الكرة ﴾ : مفعول « رَدَدْنَا » وهي في الأصل مصدر كرَّ يكُرُّ، اي : رجع، ثم يعبَّر بها عن الدَّولةِ والقهر.
قوله :« عَليْهِم » يجوز تعلُّقه ب « رَدَدْنَا »، أو بنفس الكرَّة؛ لأنه يقال : كرَّ عليه، فتتعدَّى ب « عَلَى » ويجوز أن تتعلق بمحذوفٍ على أنها حالٌ من « الكرَّة ».
قوله :« نَفِيراً » منصوبٌ على التمييز، وفيه أوجهٌ :
أحدها : أنه فعيلٌ بمعنى فاعل، أي : أكثر نافراً، أي : من يَنْفِرُ معكم.
الثاني : أنه جمع نفرٍ؛ نحو : عَبْدٍ وعبيدٍ، قاله الزجاج؛ وهم الجماعة الصَّائرُون إلى الأعداء.
الثالث : أنه مصدر، أيك أكثر خروجاً إلى الغزو؛ قال الشاعر :[ المتقارب ]
٣٣٧٩- فَأكْرِمْ بقَحْطانَ مِنْ والِدٍ | وحِمْيَرَ اكْرِمْ بقَوْمٍ نَفِيرَا |
فصل في معنى الآية
معنى الآية :﴿ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا ﴾ يعني أوَّل المرَّتين.
قال قتادة :« إفسادهم في المرَّة الأولى ما خالفوا من أحكام التوراة وركبوا المحارم ».