فصل في معنى القعود في الآية


ذكروا في هذا القعود وجوهاً :
أحدها : أن معناه المكث أي : فتمكُث في النَّاس مذموماً مخذولاً، وهذه اللفظة مستعملةٌ في لسان العرب والفرس في هذا المعنى، إذا سأل الرجلُ غيره : ما يصنعُ فلانٌ في تلك البلدة؟ فيقول المجيب : هو قاعدٌ بأسوأ حالٍ.
معناه : المكث، سواء كان قائماً أو قاعداً
وثانيها : أنَّ من شأن المذموم المخذول أن يقعد نادماً متفكراً على ما فرط منه.
وثالثها : أنَّ المتمكن من تحصيل الخيرات يسعى في تحصيلها، والسَّعي إنما يتأتى بالقيام، وأما العاجزُ عن تحصيلها، فإنَّه لا يسعى، بل يبقى جالساً قاعداً عن الطَّلب، فلمَّا كان القيام على الرَّجلِ أحد الأمور التي يتمُّ بها الفوز بالخيرات، وكان القعود والجلوس علامة على عدم تلك المكنة والقدرة، لا جرم جعل القيام كناية عن القدرة على تحصيل الخيرات، والقعود كناية عن العجز والضعف.


الصفحة التالية
Icon