والثاني : أن أولئك الأقوام كلهم مسئولون عن السمع، والبصر، والفؤاد، فيقال لهم : استعملتم السمع فيماذا، أفي الطاعة، أو في المعصية؟ وكذلك القولُ في بقيَّة الأعضاء، وذلك؛ لأنَّ الحواسَّ آلاتُ النَّفس، والنَّفسُ كالأمير لها، والمستعمل لها في مصالحها، فإن استعملها في الخيرات، استوجب الثواب، وإذا استعملها في المعاصي، استحقَّ العقاب.
والثالث : أنه تعالى يخلقُ الحياة في الأعضاء، ثمَّ إنها تسألُ؛ لقوله تعالى :﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [ النور : ٢٤ ] فكذلك لا يبعد أن يخلق العقل، والحياة، و النطق في هذه الأعضاء، ثمَّ إنَّها تسال.
رُوي عن شكل بن حميدٍ - رحمه الله - قال :« أتَيْتُ النبي ﷺ فقلت : يا رسُول الله، علِّمْنِي تعويذاً، أتعوَّذ به، فأخذ بيدي، ثم قال :» قُل اللهُمَّ؛ أعُوذُ بِكَ من شرِّ سمعي، وشرِّ بصري، وشرِّ لسَانِي، وشرِّ قلبي، وشرِّ مَنِيِّي « قال فحفظتها.
قال سعيد : والمنيُّ ماؤه.