٣٤٢٦- أرَانَا مُوضَعِينَ لأمْرِ غَيْبٍ | ونُسْحِرُ بالطَّعامِ وبالشَّرابِ |
٣٤٢٧- فَإنْ تَسْألِينَا فيمَ نَحْنُ فَإنَّنَا | عَصَافِيرُ مِنْ هذا الأنَامِ المُسحَّرِ |
قال شهاب الدين : وأيضاً فإن « السَّحْر » الذي هو الرِّئة لم يضرب له فيه مثلٌ؛ بخلاف « السِّحْر » فإنهم ضربوا له فيه المثل، فما بعد الآية من قوله ﴿ انظر كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأمثال ﴾ [ الإسراء : ٤٨ ] لا يناسب إلا « السِّحْر » بالكسرِ.
فصل في معنى قوله :﴿ نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ ﴾.
قال المفسرون : معنى الآية ﴿ نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ ﴾ أي يطلبون سماعه، ﴿ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ﴾ وأنت تقرأ القرآن، ﴿ وَإِذْ هُمْ نجوى ﴾ يتناجون في أمرك، فبعضهم يقول : هذا مجنونٌ، وبعضهم يقول : شاعرٌ ﴿ إِذْ يَقُولُ الظالمون ﴾ يعني الوليد بن المغيرة وأصحابه :﴿ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً ﴾ مطبوباً.
وقال مجاهد - C- : مخدوعاً؛ لأنَّ السِّحر حيلة وخديعة، وذلك لأنَّ المشركين حانوا يقولون : إنَّ محمداً ﷺ يتعلَّم من بعض النَّاس هذه الكلمات، وأولئك النَّاس يخدعونه بهذه الكلمات، فلذلك قالوا :« مَسْحُوراً » أي : مخدوعاً.
وأيضاً : كانوا يقولون : إنَّ الشيطان يتخيَّل له، فيظنُّ أنه ملكٌ، فقالوا : إنه مخدوع من قبل الشَّيطان.
وقيل : مصروفاً عن الحقِّ، يقال : ما سحرك عن كذا، اي : ما صرفك، وقيل : المسحور هو الشَّيء المفسود، يقال : طعام مسحور، إذا فسد، وأرض مسحورة، إذا أصابها من المطر أكثر ممَّا ينبغي فأفسدها.
فإن قيل : إنَّهم لم يتبعوا رسول الله ﷺ فكيف يصحُّ أن يقولوا :﴿ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً ﴾.
فالجواب أنَّ معناه : إن اتَّبعْتُموهُ، فقد اتَّبعْتُمْ رجلاً مسحوراً. ثم قال تعالى :﴿ انظر كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأمثال ﴾، أي : كلُّ أحد شبَّهك بشيءٍ، فقالوا : كاهنٌ، وساحرٌ، وشاعرٌ، ومعلَّمٌ، ومجنونٌ، فضلُّوا عن الحقِّ، فلا يستطيعون سبيلاً، اي : وصولاً إلى طريق الحقِّ.