وقال الحوفي- C- :« أيُّهم أقربُ » ابتداء وخبر، والمعنى : ينظرون أيُّهم أقرب، فيتوسَّلون به، ويجوز أن يكون « أيهم أقرب » بدلاً من واو « يَبْتَغُون ».
قال شهاب الدين : فقد أضمر فعلاً معلقاً، وهو ينظرون فإن كان من نظر البصرِ، تعدَّى ب « إلى » وإن كان من نظر الفكر، تعدَّى ب « في » فعلى التقديرين : الجملة الاستفهامية في موضع نصبٍ بإسقاطِ الخافض، وهذا إضمارُ ما لا حاجة إليه.
وقال ابن عطية :« وأيُّهُمْ ابتداء، و » أقْرَبُ « خبره، والتقدير : نظرهم ووكدهم أيهم أقرب، ومنه قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- :» فبات النَّاس يدُوكُونَ أيُّهمْ يُعطَاهَا «، أي : يتبارون في القرب ». قال أبو حيان :« فَجَعلَ المحذوف » نظرُهمْ ووكْدهُمْ « وهذا مبتدأ، فإن جعلت » أيُّهمْ أقربُ « في موضع نصب ب » نَظرُهُمْ « بقي المبتدأ بلا خبر، فيحتاج إلى إضمار خبر، وإن جعلت » أيُّهم أقربُ « الخبر، لم يصحَّ؛ لأنَّ نظرهم ليس هو » أيُّهم أقربُ « وإن جعلت التقدير :» نَظرهُمْ في أيهم أقربُ « أي : كائنٌ أو حاصلٌ، لم يصحَّ ذلك؛ لأنَّ كائناً وحاصلاً ليس ممَّا يعلَّق ».
فقد تحصَّل في الآية الكريمة ستَّة أوجه :
أربعة حال جعل « أيّ » استفهاماً :
الأول : أنها معلِّقة للوسيلة، كما قرَّره الزمخشريُّ.
الثاني : أنها معلّقة ل « يَدعُونَ » كما قاله أبو البقاء.
الثالث : أنها معلقة ل « يَنْظُرونَ » مقدراً، كما قاله الحوفيُّ.
الرابع : أنها معلقة ل « نَظرُهمْ » كما قدَّره ابن عطيَّة.
واثنان حال جعلها موصولة :
الأول : البدل من واو « يَدعُونَ » كما قاله أبو البقاء.
الثاني : أنها بدلٌ من واو « يَبْتغُونَ » كما قاله الجمهور.


الصفحة التالية
Icon