٣٤٣٤- نَشْكُو إليْكَ سَنةً قَدْ أجْحَفتْ جَهْداً إلى جَهْدٍ بِنَا فأضْعَفتْ
واحْتَنكَتْ أمَوالنَا وجلَّفَتْ
وحكى سيبويه - C- :« أحْنَكُ الشَّاتينِ »، أي : آكلهما، أي : أكثرهما [ أكْلاً ].
وذكر المفسرون في الاحتناك قولين :
أحدهما : أنه عبارةٌ عن الأخذِ بالكليَّة، يقال : احتنك فلانٌ مال فلانٍ : إذا استقصاه، فأخذهُ الكلِّيَّة، واحتنك الجراد الزَّرع : إذا أكلهُ بالكليَّة.
والثاني : أنه من قول العرب : حنَّك الدابَّة يحنكها، إذا جعل في حنكها الأسفل حبلاً يقودها به.
فعلى الأوَّل معناه : لأستأصلنهم بالإغواء.
وعلى الثاني : لأقُودنَّهم إلى المعاصي، كما تقادُ الدَّابة بحبلها.
ثم قال :« إلاَّ قليلاً » وهم المعصومون الذين استثناهم الله تعالى في قوله تعالى :﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾ [ الحجر : ٤٢ ].
فإن قيل : كيف ظنَّ إبليسُ اللَّعين هذا الظنَّ الصَّادق بذريَّة آدم - صلوات الله عليه-؟.
قيل : فيه وجهان :
الأول : أنه سمع الملائكة يقولون :﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدمآء ﴾ [ البقرة : ٣٠ ] فعرف ذلك.
والثاني : أنه وسوس إلى آدم - صلوات الله عليه - فلم يجدْ له عزماً، فقال : الظاهر أنَّ أولاده يكونون مثله في ضعف العزم.
وقيل : لأنه عرف أنه مركب من قوَّة بهيمية شهوانية، وقوَّة وهميَّة شيطانية، وقوة عقليَّة ملكيَّة، وقوَّة سبعيَّة غضبيَّة، وعرف أنَّ بعض تلك القوى تكون هي المستولية في أوَّل الخلقة، ثم غنَّ القوَّة العقلية إنما تكمل في ىخر الأمر، ومتى كان الأمر كذلك، كان ما ذكره إبليس لازماً.


الصفحة التالية
Icon