قوله تعالى :﴿ أَمْ أَمِنْتُمْ ﴾ : يجوز أن تكون المتصلة، أي : أيُّ الأمرين كائن؟ ويجوز أن تكون المنقطعة، و « أن يعيدكم » مفعول به.
قوله « تَارةً » بمعنى مرَّة، وكرَّة، فهي مصدرٌ، ويجمع على تيرٍ وتاراتٍ، قال الشاعر :[ الطويل ]
٣٤٤٢- وإنْسَانُ عَيْنِي يَحْسِرُ المَاءُ تَارةً فَيَبْدُو، وتَاراتٍ يَجُمُّ فيَغْرَقُ
وألفها تحتمل أن تكون عن واوٍ أو ياءٍ، وقال الراغب :« وهو فيما قيل :[ مِنْ ] تار الجرحُ : التأمَ ».
قوله تعالى :« قَاصِفاً » القاصِفُ يحتمل أن يكون من « قَصَفَ » متعدِّياً، يقال : قصفت الرِّيحُ الشجر تقصفها قصفاً؛ قال أبو تمَّام :[ البسيط ]
٣٤٤٣- إنَّ الرِّياحَ إذَا مَا أعْصفَتْ قَصفَتْ | عَيْدانَ نَجْدٍ ولمْ يَعْبَأنَ بالرَّتمِ |
والثاني : أن يكون من « قَصِفَ » قاصراً، أي : صار له قصيفٌ، ياقل : قَصِفتِ الرِّيحُ، تقصفُ، أي : صوَّتتْ، و « مِنَ الرِّيحِ » نعتٌ.
قوله تعالى :« قَاصِفاً » القاصِفُ يحتمل أن يكون من « قَصَفَ » متعدِّياً، ياقل : قصفت الرِّيحُ الشجر تقصفها قصفاً؛ قال أبو تمَّام :[ البسيط ]
٣٤٤٣- إنَّ الرِّيَاحَ إذَا مَا أعْصفَتْ قَصفَتْ | عَيْدانَ نَجْدٍ ولمْ يَعْبَأنَ بالرَّتمِ |
والثاني : أن يكون من « قَصِفَ » قاصراً، أي : صار له قصيفٌ، يقال : قَصِفتِ الرِّيحُ، تقصفُ، أي : صوَّتتْ، و « مِنَ الرِّيحِ » نعتٌ.
قوله تعالى :﴿ بِمَا كَفَرْتُمْ ﴾ يجوز أن تكون مصدرية، وأن تكون بمعنى « الذي » والباء للسببية، أي : بسبب كفركم، أو بسبب الذي كفرتم به، ثم اتُّسعَ فيه، فحذفت الباءُ، فوصل الفعل إلى الضمير، وإنَّما احتيج إلى ذلك؛ لاختلافِ المتعلق.
وقرأ أبو جعفرٍ، ومجاهدٌ :« فتُغْرِقَكُم » بالتاء من فوق أسند الفعل لضمير الرِّيح، وفي كتاب أبي حيَّان :« فتُغْرِقَكُمْ » بتاء الخطاب مسنداً إلى « الرِّيح » والحسن وأبو رجاء بياء الغيبة، وفتح الغين، وتشديد الراء، عدَّاه بالتضعيف، والمقرئ لأبي جعفر كذلك إلاَّ أنه بتاء الخطاب. قال شهاب الدين : هو إمَّا سهوٌ، وإمَّا تصحيفٌ من النساخ عليه؛ كيف يستقيم أن يقول بتاءِ الخطاب، وهو مسندٌ إلى ضمير الرِّيحِ، وكأنه أراد بتاء التأنيث، فسبقه قلمه أو صحَّف عليه غيره.
وقرأ العامة « الرِّيحِ » بالإفراد، وأبو جعفرٍ :« الرِّياح » بالجمع.
قوله :« به تَبِيعاً » يجوز في « بِهِ » أن يتعلَّق ب « تَجِدُوا » وأن يتعلق ب « تَبِيعاً »، وأن يتعلق بمحذوفٍ؛ لنه حالٌ من « تبيعًا » والتَّبِيعُ : المطالب بحقِّ الملازمُ، قال الشَّماخ :[ الوافر ]
٣٤٤٤-................ كمَا لاذَ | الغَريمُ مِنَ التَّبيعِ |
٣٤٤٥- غَدَوْا وغَدتْ غِزلانُهمْ فَكأنَّهَا | ضَوَامِنُ مِنْ غُرْمٍ لهُنَّ تَبِيعُ |
فصل
ومعنى الآية ﴿ أَمْ أَمِنْتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ ﴾، يعني في البحر ﴿ تَارَةً أخرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً ﴾.
قال ابن عباس - رضي الله عنه- : أي عاصفاً، وهي الرِّيح الشديدة وقال أبو عبيدة : هي الرِّيح التي تقصف كلَّ شيءٍ، أي : تدقٌّه وتحطمه ﴿ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً ﴾ ناصراً ولا ثائراً، وتبيع بمعنى تابعٍ، أن تابعاً مطالباً بالثَّأر.
وقال الزجاج - رضي الله عنه - : من يتبعنا بإنكارِ ما نزل بكم، ولا من يتتبّعنا بأن نصرفه عنكم.