يقولون : ملأتنِي رعباً، ولا يكادون يعرفون ملأتنِي؛ ويدل على هذا أكثر استعمالهم؛ كقوله :[ الوافر ]
٣٥٠١- فَتَمْلأ بَيْتنَا أقِطاً وسَمْنَا | ................ |
٣٥٠٢أ- ومن مالِئٍ عَيْنَيْهِ مِنْ شيءِ غَيْرِهِ | إذَا رَاحَ نحو الجمْرَةِ البِيضُ كالدُّمَى |
٣٥٠٢ب- لا تَمْلأ الدَّلءو وعَرِّقْ فيها
وقال الاخر :[ الرجز ]
٣٥٠٣- امْتَلأ الحَوضُ وقَالَ قَطْنِي... وقد جاء التثقيل أيضاً، أنشدوا للمخبَّل السعديِّ :[ الطويل ]
٣٥٠٤- وإذْ قتل النُّعْمانُ بالنَّاسِ مُحرِمَا | ................ |
فصل في سبب الرعب
اختلفوا في ذلك الرُّعب كان لماذا؟ فقيل : من وحشة المكان، وقال الكلبي : لأنَّ أعينهم مفتَّحة، كالمستيقظ الذي يريد أن يتكلَّم، وهم نيامٌ.
وقيل : لكثرة شعورهم، وطول أظفارهم، وتقلُّبهم من غير حسٍّ، كالمستيقظ.
وقيل : إنَّ الله تعالى، منعهم بالرُّعب؛ لئلاَّ يراهم أحدٌ.
ورُوِيَ عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبَّاس، قال : غزونا مع مُعاويةَ نحو الرُّوم، فمَررْنَا بالكَهْفِ الذي فِيهِ أصْحابُ الكهفِ، فقال مُعاوِيةُ : لو كُشِفَ لنَا عنْ هؤلاءِ، لنَظَرْنَا إليْهِمْ، فقَال ابْنُ عبَّاسٍ : قَدْ مَنَعَ الله ذلِكَ مَنْ هُو خَيْرٌ مِنْكَ :﴿ لو اطَّلعْتَ عَليْهِم لولَّيتَ مِنهُم فراراً ﴾، فبعث معاوية ناساً، فقال : اذهبوا، فانظروا، فلمَّا دخلوا الكهف، بعث الله عليهم ريحاً، أخرجتهم.