والوَرِقُ : الفضَّة المضروبة، وقيل : الفضَّة مطلقاً مضروبة كانت، أو غير مضروبة؛ ويدلُّ عليه ما رُوي أنَّ عرفجة اتَّخذَ أنفاً من ورقٍ.
فصل في لغات « الوَرِق »
قال الفراء والزجاج : فيه ثلاثُ لغاتٍ : وَرِقٌ، ووَرْقٌ، ووِرْقٌ، ك « كَبِدٍ وكَبْدٍ وكِبْدٍ » وكسر الواو أردؤها يقال لها :« الرِّقةُ » بحذف الواو، وفي الحديث :« في الرِّقةِ ربعُ العُشْرِ » وجمعت شذوذاً جمع المذكر السالم.
فصل
قال المفسرون : كان معهم دراهم عليها صورة الملكِ الذي كان في زمانهم، ثم قال تعالى :﴿ إلى المدينة ﴾ وهي الَّتي يقال لها اليوم ( طرسوس )، وكان اسمها في الجاهلية « أفسوس »، وهذه الآية تدل على أنَّ السَّعي في إمساك الزَّاد أمرٌ مشروعٌ.
قوله :﴿ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أزكى طَعَاماً ﴾ [ يجوز في « أي » أن تكون استفهامية، وأن تكون موصولة. قال الزجاج : إنها رفع بالابتداء و « أزكى » خبرها، وتقدم الكلام على نظيره في قوله :﴿ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ [ الكهف : ٧ ]، ولا بد ها هنا من حذف « أيُّ » أي : أيّ أهلها أزكى و « طعاماً » ] تمييزٌ، أي : لا يكون من غصبٍ، أي : سببٍ حرام.
وقيل : لا حذف، والضميرُ عائدٌ على الأطعمة المدلول عليها من السِّياق.
قيل : أمروهُ أن يطلب ذبيحة مؤمنٍ، ولا يكون من ذبيحة من يذبح لغير الله، وكان فيهم مؤمنون ينكرون إيمانهم.
فصل في معنى « أزكى »
قال الضحاك : أزكى طعاماً، أي : أطيب.
وقال مقاتلٌ : أجود.
وقال عكرمة : أكثر.
وأصل الزَّكاة النُّمو والزيادة.
وقيل : أرخص طعاماً ﴿ فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ ﴾ أي : قوتٍ وطعامٍ تأكلونه.
قوله :« ولْيَتلَطَّفْ » قرأ العامة بسكون لام الأمر، والحسنُ بكسرها على الأصل، [ وقتيبة الميَّال ] « وليُتَلَطَّفْ » مبنياً للمفعول، وأبو جعفر وأبو صالحٍ، وقتيبة « ولا يشعُرنَّ » بفتح الياء وضمِّ العين.
فإن قيل :« بكُمْ » « أحدٌ » فاعل به.
فالجواب : معنى « وليَتَلطَّفْ » أي : يكون في سترة، وكتمانٍ في دخول المدينة، قاله الزمخشريُّ، ويجوز أن يعود على قومهم؛ لدلالة السِّياق عليهم.
وقرأ زيدُ بن عليٍّ « يُظْهرُوا » مبنيًّا للمفعول.
فصل
﴿ يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ ﴾، أي : يطَّلعوا عليكم، ويعلموا مكانكم.
وقيل : أو يشرفوا على مكانكم أو على أنفسكم من قولهم : ظهرتُ على فلانٍ، إذا علوتهُ، وظهرتُ على السَّطح، إذا صرت فوقه، ومنه قوله تعالى :﴿ فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ ﴾ [ الصف : ١٤ ] أي عالين.
وقوله :﴿ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ ﴾ [ التوبة : ٣٣ ] أي : ليعليه.
قوله :﴿ يَرْجُمُوكُمْ ﴾. قال ابن جريج : يَشْتموكُمْ، ويُؤذُوكم بالقول، وقيل : يقتلوكم بالحجارة، والرجمُ بمعنى القتل كثيرٌ. قال تعالى :﴿ وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ ﴾ [ هود : ٩١ ] وقوله :﴿ أَن تَرْجُمُونِ ﴾ [ الدخان : ٢٠ ] والرجم أخبث القتل، قاله الزجاج.
﴿ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ ﴾ أي يردُّوكم إلى دينهم.
قوله :﴿ وَلَن تفلحوا إِذاً أَبَداً ﴾ أي إن رجعتم إلى دينهم، لم تسعدوا في الدنيا، ولا في الآخرة، ف « إذاً » جوابٌ وجزاءٌ، أي : إن يظهروا، فلن تفلحوا.
وقال الزجاج : لن تُفْلِحُوا، إذا رجعتم إلى ملتهم أبداً، فإن قيل : أليس أنَّهم لو أكرهوا على الكفر، حتى أظهروا الكفر، لم يكن عليهم مضرَّة، فكيف قالوا :﴿ وَلَن تفلحوا إِذاً أَبَداً ﴾ ؟.
فالجواب : يحتمل أن يكون المراد أنَّهم لو ردُّوا إلى الكفر، وبقوا مظهرين له، فقد يميل بهم ذلك غلى الكفر، ويصيروا كافرين حقيقة، فكان تخوُّفهم من هذا الاحتمال.