وقال ابن عطية عن أبي عمرو : روى عنه هارون « لكنَّه هو الله » بضمير لحق « لكن » قال شهاب الدين : فظاهر هذا أنه ليس بهاء السَّكت، بل تكون الهاءُ ضميراً اسماً ل « لكِنْ » وما بعدها الخبر ويجوز أن يكون « هو » مبتدأ، وما بعده خبره، وهو وخبره خبر « لكنَّ » ويجوز أن يكون تأكيداً للاسم، وأن يكون فصلاً، ولا يجوز أن يكون ضمير شأنٍ؛ لأنه حينئذ لا عائد على اسم « لكنَّ » من هذه الجملة الواقعة خبراً.
وأمَّا في قراءة العامة : فلا يجوز أن تكون « لكنَّ » مشددة عاملة؛ لوقوع الضمير بعدها بصيغة المرفوع.
وقرأ عبد الله « لكنْ أنَا هُوَ » على الأصل من غير نقل، ولا إدغامٍ، وروى عنه ابنُ خالويه « لكنْ هُو الله » بغير « أنا ». وقرئ أيضاً « لكننا ».
وقال الزمخشريُّ :« وحسَّن ذلك - يعني إثبات الألف في الوصل - وقوع الألف عوضاً عن حذف الهمزة » ونحوه - يعني إدغام نون « لكن » في نون « نَا » بعد حذف الهمزة - قول القائل :

٣٥٣٠- وتَرْمِينَنِي بالطَّرْفِ أيْ أنْتَ مُذنِبٌ وتَقْلِيننِي لكنَّ إيَّاكِ لا أقْلِي
الأصل : لكن أنا، فنقل، وحذف، وأدغم، قال أبو حيان :« ولا يتعيَّن ما قاله في البيت؛ لجواز أن يكون حذف اسم » لكنَّ « [ وحذفه ] لدليلٍ كثيرٌ، وعليه قوله :
٣٥٣١- فَلوْ كُنْتَ ضَبيًّا عَرفْتَ قَرابتِي ولكنَّ زَنْجِيٌّ عَظِيمُ المَشافرِ
أي : ولكنَّك، وكذا ها هنا : ولكنَّني إيَّاك »
قال شهاب الدين : لم يدَّع الزمخشري تعين ذلك في البيت؛ حتَّى يردَّ عليه بما ذكره.
ويقرب من هذا ما خرَّجه البصريُّون في بيت استدلَّ به الكوفيون عليهم في جواز دخولِ لام الابتداء في خبر « لكنَّ » وهو :[ الطويل ]
٣٥٣٣-.............. ولكنَّني من حُبِّهَا لعَمِيدُ
فأدخل اللام في خبر « لكنَّ » وخرَّجه البصريون على أن الأصل :« ولكن من حُبِّها » في قوله :« ولكنَّني من حُبِّها لعمِيدُ »، فأدغم اللام في خبر « لكنَّ »، وجوَّزه البصريُّون، وخرَّجه طائفة من البصريِّين على أنَّ الأصل ولكن إنِّي من حُبِّها، ثم نقل حركة همزة « إنِّي » إلى نون « لكن » بعد حذف الهمزة، وأدغم على ما تقدَّم، فلم تدخل اللام إلا في خبر « إنَّ »، هذا على تقدير تسليم صحة الرواية، وإلا فقالوا : إنَّ البيت مصنوعٌ، ولا يعرف له قائلٌ.
والاستدراك من قوله « أكَفرْتَ » كأنَّه قال لأخيه : أنت كافرٌ؛ لأنَّه استفهام تقرير، لكنَّني أنَّا مؤمنٌ؛ نحو قولك :« زَيْجٌ غَائبٌ، لكنَّ عمراً حاضرٌ » لأنه قد يتوهَّم غيبةُ عمرو أيضاً.

فصل في المقصود بالشرك في الآية


معنى ﴿ وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً ﴾.


الصفحة التالية
Icon