﴿ مَالِ هذا الكتاب لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً ﴾ من ذنوبنا.
قال ابن عباس : الصَّغيرة : التبسُّم، والكبيرة : القهقهة.
قال سعيد بن جبير : الصغيرة : اللَّمم، [ والمسُّ، و القبلة ]، والكبيرة : الزِّنا.
﴿ إِلاَّ أَحْصَاهَا ﴾ وهو عبارة عن الإحاطة، أي : ضبطها وحصرها، وإدخال تاء التأنيث في الصغيرة والكبيرة، على تقدير أنَّ المراد الفعلة الصغيرة والكبيرة.
قال - ﷺ - :« إيَّاكُم ومحقِّرات الذنوب؛ فإنَّما مثلُ محقِّرات الذنوب؛ فإنَّما مثلُ محقِّراتِ الذُّنوب مثل قوم نزلوا ببطنِ وادٍ، فجاء هذا بعودٍ، وجاء هذا بعودٍ، وجاء هذا بعودٍ، حتَّى أنضجوا خبزتهم، وإنَّ محقِّراتِ الذنوب لموبقاتٌ ».
﴿ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً ﴾ مكتوباً في الصَّحيفة.
﴿ وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾ لا ينقص ثواب أحدٍ عمل خيراً.
وقال الضحاك : لم يؤاخذ أحداً بجرم لم يعمله.

فصل في الرد على المجبرة


قال الجبائي : هذه الآية تدلُّ على فساد قول المجبرة في مسائل :
أحدها : أنه لو عذَّب عباده من غير ذنب صدر منهم، لكان ظالماً.
وثانيها : أنه لا يعذِّب الأطفال بغير ذنب.
وثالثها : بطلان قولهم : لله أن يفعل ما شاء، ويعذِّب من غير جرم؛ لأنَّ الخلق خلقه، إذ لو كان كذلك، لما كان لنفي الظلم عنه معنى؛ لأنَّ بتقدير أنه إذا فعل أي شيءٍ، لم يكن ظلماً منه؛ لم يكن لقوله :« إنَّه لا يظلمُ » فائدة.
فإن قيل : أيُّ فائدة في ذلك؟.
فالجواب عن الأوَّل بمعارضة العلم والدَّاعي.
وعن الثاني : أنَّه تعالى، قال :﴿ مَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ ﴾ [ مريم : ٣٥ ] ولم يدلَّ هذا على أنَّ اتخاذ الولد يصحُّ عليه، فكذلك ها هنا.


الصفحة التالية
Icon