قوله « مُشْرقينَ » « حال من مفعول » أخَذتْهُمْ «، أي داخلين في الشروق، أي : بزوغِ الشَّمسِ.
يقال : شَرَق الشارق يَشْرُق شُرُوقاً لكل ما طلع من جانب الشرع، ومنه قوله : ما ذرَّ شَارِقٌ، أي طلع طَالعٌ فكان ابتداء العذاب حين أصبحوا وتمامه حين أشرقوا.
والضمير في :» عَاليهَا وسَافِلهَا « للمدينة. وقال الزمخشريُّ :» لقرى لقوم لوط «.
ورجح الأول بأنه تقدَّم ذكر المدينة في قوله ﴿ وَجَآءَ أَهْلُ المدينة ﴾ فعاد الضمير إليها بخلاف الثاني، فإنه لم يتقدَّم لفظ القرى.
﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً ﴾ تقدم الكلام على ذلك كله في هود :[ ٨٢ ].
قوله ﴿ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ﴾ متعلق بمحذوف على أنه صفة ل » آيَاتٌ « وأجود أن يتعلق بنفس » آيَاتٌ « ؛ لأنَّها بمعنى العلامات.
والتوسُّم : تفعل من الوسم، والوسمُ أصله : التَّثبت، والتَّفكر مأخوذ من الوسمِ، وهو التَّأثير بحديد في جلد البعير، أو غيره.
وقال ثعلب : الوَاسِمُ النَّاظر إليك من [ قرنك ] إلى قدمك، وفيه معنى التَّثبيت.
وقال الزجاج : حقيقة المتوسِّمين في اللغة : المثبتون في نظرهم حتَّى يعرفوا سمة الشيء، وصفته وعلامته وهو استقصاءُ وجوه التَّعرف قال :[ الكامل ]
٣٢٨٧ أوَ كُلما وردَتْ عُكاظَ قَبيلَةٌ | بَعَثَتْ إليَّ عَريفَهَا يَتوسَّم |
قال ابن رواحة يمدحُ النبي ﷺ :[ البسيط ]
٣٢٨٨ إنِّي تَوسَّمْتُ فِيكَ الخَيرَ أعْرفهُ | واللهُ يَعْلمُ أنِّي ثَابتُ البَصرِ |
٣٢٨٩ تَوسَّمْتهُ لمَّا رَأيْتُ مَهَابَةٌ | عَليْهِ، وقُلْتُ المَرْءُ مِنْ آلِ هَاشمِ |
واختلف المفسِّرون : فقال ابن عبَّاس رضي الله عنهما للنَّاظرين.
وقال مجاهدٌ للمتفرِّسين، وقال قتادة للمعتبرين، وقال مقاتلٌ للمتفكرين.
قوله :﴿ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ ﴾ الظاهر عود الضمير على المدينة، أو القرى وقيل على الحجارة وقيل : على الآيات، والمعنى : بطريقٍ قال مجاهد هذا طريق معلم، وليس بخفيّ، ولا زائلٍ.
ثم قال :﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾، إي : كل من آمن بالله، ويصدق بالأنبياء، والرُّسلِ صلوات الله وسلامه عليهم؛ عرف أنَّما كان انتقامُ الله من الجُهَّال لأجل مخالفتهم، وأمَّا الذين لا يؤمنون؛ فيحملونه على حوادث [ العالم ]، وحصول القرانات الكوكبية، والاتصالات الفلكية.