فصل
قد ورد الحين على أربعة أوجهٍ :
الأول : بمعنى الوقت كهذه الآية.
الثاني : نتهى الأجل، قال :﴿ وَمَتَّعْنَاهُمْ إلى حِينٍ ﴾ [ يونس : ٩٨ ]، أي : إلى منتهى آجالهم.
الثالث : إلى ستة اشهر، قال تعالى :﴿ تؤتي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ ﴾ [ إبراهيم : ٢٥ ].
الرابع : أربعون سنة، قال تعالى :﴿ هَلْ أتى عَلَى الإنسان حِينٌ مِّنَ الدهر ﴾ [ الإنسان : ١ ].
أي : أربعون سنة، يعني آدم - صلوات الله وسلامه عليه - حين خلقه من طينٍ قبل أن ينفخ فيه الروح.
والجمالُ : مصدر جَمُلَ بضمِّ الميم يجمُل فهو جَمِيلٌ وهي جَمِيلةٌ، وحكى الكسائي : جَمْلاء كحَمْرَاء؛ وأنشد :[ الرمل ]
٣٢٩٧- فَهْيَ جَمْلاءُ كَبَذرٍ طَالعٍ | بذَّتِ الخَلْقَ جَمِيعاً بالجَمالِ |
٣٢٩٨- أبَى الله إلاَّ أنَّ سَرحَة مَالكٍ | عَلي كُلِّ أفْنانِ العِضاهِ تَرُوقُ |
٣٢٩٩أ- بَطلٌ كَأنَّ ثِيَابَهُ في سَرْحَةٍ | يُحْذَى نِعَالَ السِّبْتِ ليْسَ بِتَوْءَمِ |
٣٢٩٩ب- سُرُحُ اليَديْنِ كَانَّهَا... | ...................... |
فصل
الإراحةُ : ردُّ الإبل بالعشيّ إلى مراحها حيث تأوي إليه ليلاً، وسرح القوم إبلهم سرحاً، إذا أخرجوها بالغداة إلى المرعى.
قال أهل اللغة : هذه الإراحةُ أكثر ما تكون أيَّام الربيع إذا سقط الغيث، وكثر الكلأُ، وخرجت العرب للنّجعةِ، وأحسن ما يكون النعمُ في ذلك الوقت.
ووجهُ التجملِ بها أنَّ الراعيَ إذا روحها بالعشيَّ وسرَّحها بالغداة تزينت عند تلك الإراحة والتسريح الأفنية، وكثر فيها النفاء والرغاء، وعظم وقعهم عند الناس لكونهم مالكين لها.
والمنفعة الثانية قوله :﴿ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ ﴾.
الأثقالُ : جمع ثِقَل، وهو متاع السَّفر إلى بلدٍ. قال ابن عباسٍ - رضي الله عنهما- :« يريد من مكة إلى [ المدينة ] والشام ومصر ».
وقال الواحديُّ - C- :« والمراد كلُّ بلدٍ لو تكلفتم بلوغه على غير إبلٍ لشقَّ عليكم ».
وخصَّ ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - هذه البلاد لأنَّها متاجر أهل مكة.
قوله ﴿ لَّمْ تَكُونُواْ ﴾ صفة ل « بَلدٍ »، و « إلاَّ بشقِّ » حال من الضمير المرفوع في « بَالغِيهِ »، أي : لم تبلغوه إلا ملتبسين بالمشقةِ.
والعامة على كسر الشِّين. وقرأ أبو جعفر ورويت عن نافع، وأبي عمرو بفتحها؛ فقيل : هما مصدران بمعنى واحد، أي : المشقَّة فمن الكسرِ قول الشاعر :[ الطويل ]
٣٣٠٠- رَأى إبلاً تَسْعَى ويَحْسِبُهَا لَهُ | أخِي نَصبٍ مِنْ شِقِّهَا ودُءُوبِ |