قال أبو حيان : وهذا ليس بجيد، لأنه قال : التي للردع، « والتي للردع » حرف، وجه لقلب ألفها نوناً، وتشبيهه ب « قَوَارِيراً » ليس بجيد، لنَّ « قَوَارِيرَ » اسم يرجع به إلى أصله، فالنون ليس بدلاً من ألف بل هو تنوين الصرف، وهذا اجمع مختلف فيه أيتحتَّمُ منع صرفه أم يجوز؟ قولان.
ومنقول أيضاً : أن بعض لغة العرب يصرفون ما لا ينصرف، فهذا القول، إما على قول من لا يرى بالتحتم، أو على تلك اللغة.
والرابع : أنه نعتٌ ل « آلهة »، قاله ابن عطية. وفيه نظر، إذ ليس المعنى على ذلك، وقد يظهر له وجه، « أن يكون وصف » الآلهة بالكلِّ الذي هو المصدر بمعنى الإعياء والعجز، كأنه قيل : آلهةٌ كالِّين، أي : عاجزين منقطعين. ولمَّا وصفهم وصفهم بالمصدر وحده. وروى ابن عطية والداني وغيره عن أبي نهيك أنه قرأ « كُلاًّ » بضم الكاف والتنوين، وفيها تأويلان :
أحدهما : أن ينتصب على الحال، أي : سيكفرون جميعاً؛ كذا قدره أبو البقاء، واستبعده.
والثاني : أنه منصوبٌ بفعلٍ مقدر، يرفضون، أي : يجحدون، أو يتركون كلاًّ، قاله ابن عطية. وحكى ابن جرير أن أبنا نهيك قرأ « كُلُّ » بضم الكاف ورفع اللام منونة على أنه مبتدأ والجملة الفعلية بعده خبره.
وظاهر عبارة هؤلاء أنه لم يقرأ بذلك إلا في « كلاًّ » الثانية. وقرأ عليُّ بنُ أبي طالب « ونُمِدُّ » من أمدَّ، وقد تقدم القول في مدَّهُ وأمدَّهُ.
قوله :: ونَرثهُ ما يقُولُ «. يجوز في » مَا « وجهان :
أحدهما : أن يكون مفعولاً بها، والضمير في » نَرِثُهُ « منصوب على إسقاط الخافض تقديره : ونرثُ منه » ما يقوله «.
والثاني : أن يكون بدلاً من الضمير في » نَرِثُهُ « بدل اشتمال. وقدَّر بعضهم مضافاً قبل الموصول، أي : نرثه معنى ما يقول : أو مسمَّى ما يقول، وهو المال والولد، لأن نفس القول لا يورث. » و « فَرْداً » حال إمَّا مقدرة نحو ﴿ فادخلوها خَالِدِينَ ﴾ [ الزمر : ٧٣ ]، أو مقارنة، وذلك مبنيٌّ على اختلاف معنى الآية «.
قوله تعالى :» سَنَكْتبُ « سنحفظ » ما يقُولُ « فنُجازيه في الآخرة.
وقيل : نأمر الملائكة حتى يكتبوا ما يقول. ﴿ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ العذاب مَدّاً ﴾ أي : نزيده عذاباً فوق العذاب، وقيل : نطيل عذابه. و » نَرِثهُ ما يقُولُ « » أي : ما عنده من المال والولد بإهلاكنا إياه وإبطال قوله، وقوله « مَا يَقُولُ »، لأنه زعم أنَّ له مالاً وولداً، أي : لا نعطيه ونعطي غيره، فيكون الإرث راجعاً إلى ما تحت القول لا إلى نفس القول. وقيل : معنى قوله « ونَرِثهُ ما يقُولُ » أي : نحفظ ما يقول حتى نجازيه به « ويَأتِينَا فَرْداً » يوم القيامة بلا مالٍ ولا ولد «.