قال ابن مسعود : كانت الشجرة سمرة خضراء.
وقال قتادة ومقاتل والكلبي : كانت من العَوْسَج.
وقال وهب : كانت من العُلِّيْق. وقيل : كانت من العِنَّاب.
قال أكثر المفسرين : إنَّ الذي رآه موسى لم يكن ناراً بل كان نورَ الربِّ ( تبارك وَتَعالى ) ذُكِرَ بلفظ النار، لأن موسى عليه السلام حسبه ناراً فلما دَنَا مِنْهَا سمع تسبيح الملائكة ورأى نوراً عظيماً.
قال وهب : ظن موسى أنها نار أوقدت، فأخذ من دقاق الحطب وهو الحشيش اليابس ليقتبس من لهبها فمالت إليه كأنها تريده، فتأخر عنها وهابَها، ثم لم تزل تطعمه، ويطمع فيها، ثم لم يكن بأسرع من خمودها كأنها لم تكن ثم رمى موسى ببصره إلى فروعها، فإذا خضرتها ساطعة في السماء، وإذا نور بين السماء والأرض له شعاع تكل عنه الأبصار، فلما رأى موسى ذلك وضع يديه على عينيه، فنودي يا موسى.
قال القاضي : الذي يروى من أن الزند ما كان يروى فجائز، وما رُوِي من أن النار كانت تتأخر عنه، فإن كانت النبوة قد تقدمت له جاز ذلك وإلا فهو ممنوع إلاَّ أن يكون معجزة لغيره من الأنبياء، لأن قوله :« وَأنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى » دليل على أنه إنما أوحي إليه في هذه الحالة، وجعله نبيًّا. وعلى هذا يبعدُ ما ذكروه من تأخر النار عنه وبيَّنَ فسادَ ذلك، قوله تعالى :« فَلَمَّا أتَاهَا نُودِيَ » ولو كانت تتأخر عنه حالاً بعد حالٍ لَمَا صحَّ ذلك، ولَمَا بقي لفاء التعقيب.
قوله :« نودي : القائم مقام الفاعل ضمير موسى.
وقيل : ضميرُ المصدر، أي نُودِي النداء، وهو ضعيف. ومنعُوا أنْ يكون القائم مقامه الجملة من » يا مُوسَى «، لأن الجملَةَ لا تكونُ فاعلاً.