قوله :« أَتَوَكَّأُ » يجوز أن يكون خبراً ثانياً ل « هِيَ » ويجوز أنْ يكونَ حالاً إمَّا مِنْ « عَصَايَ » وإمَّا مِنْ « الياء » وفيه بُعدٌ، لأن مجيء الحال من المضاف إليه قليل، وله مع ذلك شروط ليس فيه شيء منها هنا.
ويجوز أن تكون مستأنفة. وجوَّز أبو البقاء نقلاً عن غيره : أن يكون « عَصَايَ » منصوبة بفعل مقدر، و « أَتَوَكَّأُ » هو الخبر. ولا ينبغي أن يقال ذلك.
والتَّوكّؤُ : التحامُلُ على الشيء، وهو بمعنى الاتِّكاء، وقد تقدم تفسيره في يوسف فهما من مادة واحدة، وذكر هنا، لاختلاف وزنيها.
والهَشُّ بالمعجمية : الخَبْطُ، يقال : هَشَشْتُ الوَرَقَ أَهُشُّهُ أي : خبطته ليسقط، والمعنى : أَخْبِطُ بِهَا وَاَضْرِبُ أغصانَ الشجر ليسقط ورقُهَا على غنمي لتأكله وأما هَشَّ يَهِشُّ- بكسر العين في المضارع، فبمعنى البشاشة وقد قرأ النخعي بذلك، فقيل : هو بمعنى : أَهُشُّ- بالضم- والمفعول محذوف في القراءتين أي : أهُشُّ الورقَ أو الشجرَ وقيل : هو في هذه القراءة من هَشَّ هشاشةً إذا مال. وقرأ وقرأ الحسن وعكرمة :« وأَهُسُّ » بضم الهاء والسين المهملة وهو السُّوْقُ، ومنه الهَسُّ ( والهَسَّاسُ ) وعلى هذا فكان ينبغي أن يتعدى بنفسه، ولكنه ضمَّن معنى ما يتعدى بعلى وهو أقوم ( وَأَهْوَنُ ).
ونقل ابن خالوية عن النخعي أنه قرأ « وأُهِسُّ » بضم الهمزة وكسر الهاء من ( أَهَسَّ ) رباعياً بالمهملة. ونقلها عنه الزمخشري بالمعجمة، فيكون عنه قراءتان ونقل صاحب اللوائحِ عن مجاهد وعكرمة « وأهُشُ » بضم الهاء وتخفيف الشين، قال ولا أعرف لها وجهاً إلا أن يكون قد استثقل التضعيف مع تفشي الشين فخفف، وهي بمعنى قراءة العامة.
وقرأ بعضهم :« غَنَمِي » ( بسكون النون )، وقرئ « عَلَيَّ » بتشديد الياء والمْآرِبُ : جمع مَأْرُبَة، وهي الحاجة وكذلك الإرْبَة أيضاً. وفي ( راء ) المَأرُبَة الحركات الثلاث.
وإنما قال :« مَآرِب » في معنى جماعة، فكأنه قال جماعة من الحاجات أخرى، ولم يقل أخر لرؤوس الآي ( و « أُخْرَى » ) كقوله :« الأسْمَاءُ الحُسْنَى » وقد تقدَّم قريباً.
قال أبو البقاء : ولو قال : أخر لكان على اللفظ. يعني أُخَر كقوله :« فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَر » بضم الهمزة وفتح الخاء واللفظ لفظ الجمع. ونقل الأهوازيّ عن شيبة والزهري : مَارِبُ « قال : بغير همز كذا أطلق والمراد بغير همز محقق بل مسهل بَيْنَ بَيْن وإلا فالحذف بالكلية شاذ.

فصل


قيل : كما قال :»
هِيَ عَصَايَ « فقد تم الجواب إلا أنه عليه السلام ذكر الوجوه الآخر، لأنه كان يجب المكالمة مع ربه تعالى، فجعل ذلك كوسيلة إلى تحصيل هذا الغرض.
»
أتَوكَّأُ عَلَيْهَا « التوَكُّؤْ والاتِّكَاءُ واحد كالتوقي والاتقاء، أي أعتمد عليها إذا عييت، أو وقفت على رأس القطيع » وأهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي « أي : أضرب أغصان الشجر ليسقط ورقها على الغنم ( فتأكله ).


الصفحة التالية
Icon