والوزير : قيل : مشتق من الوِزْر، وهو الحبل الذي يحتضن به وهو الملجأ لقوله تعالى :« كَلاَّ لاَ وِزْرَاً » قال :

٣٦٥٥- مِنَ السِّبَاعِ الضَّوَارِي دُونَهَا وَزَرٌ وَالنَّاسُ شَرُّهُمُ مَا دُونَهُ وَزَرُ
كَمْ مَعْشَرٍ سَلِمُوا لَمْ يُؤذِهِمْ سَبْعٌ وَلاَ تَرَى بَشَراً لَمْ يُؤْذِهِم بَشَرُ
وقيل : من المُؤَازَرَةِ، وهي المعاونة، نقله الزمخشري عن الأصمعي قال : وكان القياس أَزيراً يعني بالهمزة، لأن المادة كذلك، قال الزمخشري :( فقلبت ) : الهمزة إلى الواو، ووجع قبلها إليها أنَّ فَعِيلاً جاء بمعنى مُفَاعِل مجيئا صالحاً كقولهم : عَشِيرِ، وجَلِيسِ، وخَلِيط وصَدِيق، وخَلِيل، ونَدِيم فلما قلبت في أخيه وإلى المؤازرة. يعني أن وزيراً بمعنى مُؤَازر، ومُؤازر تقلب فيه الهمزة واواً قليلة قياساً، لأنها همزة مفتوحة بعد ضمة فهو نظير مُؤَجَّل ويُؤاخذكم وشبهه، فَحُمِلَ أَزير عليه في القلب، وإنْ لم يكن فيه سبب القلب. والمُؤازرة مأخوذةٌ من إزار الرجل، وهو الموضع الذي يشده الرجل إذا استعد لعمل متعب.

فصل


اعلم أن طلبَ الوزير إما أنه خاف على نفسه العجزَ عن القيام بذلك الأمر فطلب المُعين، أو لآنه رأى أنَّ التعاونَ على الدين والتظاهرَ عليه مع مخالصة الود وزوال التهمة قربةٌ عظيمة في الدعاء إلى الله تعالى، ولذلك قال عيسى ابن مريم :﴿ مَنْ أنصاري إِلَى الله قَالَ الحواريون نَحْنُ أَنْصَارُ الله ﴾ [ آل عمران : ٥٢ ]، وقال لمحمد عليه السلام ﴿ ياأيها النبي حَسْبُكَ الله وَمَنِ اتبعك مِنَ المؤمنين ﴾ [ الأنفال : ٦٤ ] وقال عليه السلام :« إنَّ لِي في السَّمَاءِ وَزِيرَيْنِ، وَفِي الأَرْضِ وَزِيرَيْن فاللَّذانَ فِي السَّماءِ جِبْريلُ وميكائيلُ ( عليهما السلام ) وّاللَّذانِ في الأرض أبو بكرٍ وَعمَرُ ( رضي الله عنهما » ) «.
وقال عليه السلام :»
إذَا أَرَادَ اللهُ بِمَلِكٍ خيراً قَيَّضَ اللهُ لَُ وَزِيراً صَالِحاً إنْ نَسِيَ ذكَّره، وإنْ نَوَى خَيْراً أعانَه، وإنْ أَرَادَ شَرَّاً كَفَّهُ « وقال أنوشروان : لاَ يَسْتَغْنِي أجودُ السيوف عن الصقي، ولا أكرمُ الدوابَّ عن السَّوْط ( ولا أعلمُ الملوك عن الوزير ). وأراد موسى - عليه السلام- أن يكون ذلك الوزير من أهله أي من أقاربه، وأن يكون أخاه هارون، والسببُ فيه إما لأن التعاونَ على الدين منفعة عظيمة فأراد أن لا تحصل هذه الدرجة إلا بأهله، أو لأن كل واحد منهما كان في غاية المحبة لصاحبه.
وكان هارونُ أكبرَ سناً من موسى بأربع سنين، وكان أفصحَ منه لساناً، وأجملَ وأوسمَ أبيض اللون، وكان موسى آدم اللون أقْنَى جَعْداً.
و »
اشْدُدْ بِهِ ( أزري ) قَوِّ ) ظَهْري، « وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي » في النبوة. والأَزْرُ القوة، وَآزَرَهُ : قَوَّاه. وقال أبو عبيدة : أَزْرِي : ظَهْرِي. وفي كتاب الخليل : الأَزْرُ الظَّهرُ.


الصفحة التالية
Icon