وقيل : الآيات : العصا، واليد، وحل العقدة من لسانه، وذلك أيضاً معجزة.
قوله :« وَلاَ تَنِيَا » يقال :« وَنَى يَنِيَ وَنْيَاً كَوَعَد يَعِدُ وَعْداً، إذا فَتَرَ.
والوَنْيُ الفُتُور، ومنه : امرَأةٌ أَنَاةٌ، وصفوها بفتور القيام كناية عن ضخامتها. قال زهير :

٣٦٥٧- مَنَّا الأَنَاةُ وَبَعْضُ القَوْمِ يَحْسَبُنَا أَنَّا بِطَاءٌ وفي إبْطَائِنَا سِرْعُ
بكسر السين وفتح الراء مصدر ( سَرُع ) بفتح السين وضم الراء.
تقول : سَرُعَ سِرَعاً كصَغُرَ صِغَراً.
والأصل : ونَاةٌ، فأبدلوا الهمزة من الواو كأحَد وليس بالقياس، وفي الحديث :»
إنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ الحِلْمُ والأَنَاةُ «.
والوَانِي : المقصِّر في أمره، قال الشاعر :
٣٦٥٨- فَمَا اَنَا بالوَانِي وَلاَ الضَّرْع الغُمْرِ... ووَنَى فعلٌ لازم يتَعَدى وزعم بعضهم أنه يكون من أخوات ( زال وانفك ) فيعمل بشرط النفي أو شبهه عمل ( كان )، فيقال :»
مَا وَنِيَ زيدٌ قائماً، وأنشد ابن مالك شاهداً على ذلك قوله :
٣٦٥٩- لاَ يَنشي الحُبُّ شِيمَةَ الحُبِّ مَا دَا مَ فَلاَ يَحْسَبَنَّهُ ذَا ارْعِوَاءِ
أي : لا يزال الحُبُّ بضم الحاء شيمةَ الحِبِّ أي : بكسرها وهو المحب. ومن منع ذلك يتأول البيت على حذف حرف الجر، لأنَّ هذا الفعل يتعدى تارة ب ( عَنْ ) وتارة ب ( في ) يقال : ما ونَيْتُ عن حاجتك، أو : في حاجتك فالتقدير : لا يفتر الحب في شيمة المحب، وفيه مجاز بليغ وقد عدي في الآية الكريمة ب ( في ).
قرأ يحيى بن وثَّاب « وَلاَ تِنِيَا » بكسر التاء إتباعاً لحركة النون، وسكن الياء في « ذِكْرِي ».
وقرأ أهل الحجاز وأبو عمرو « لِنَفْسِيَ اذْهَبْ » ذِكْرِي اذْهَبَا « و ﴿ إِنَّ قَوْمِيَ اتخذوا ﴾ و ﴿ مِن بَعْدِيَ اسمه ﴾ بفتح الياء فيهن وافقهم أبو بكر في ﴿ مِن بَعْدِيَ اسمه ﴾.
وقرأ الآخرون بإسكانها.
والمراد بالذكر تبليغ الرسالة. وقيل : لا تفترا عن ذكر الله. ( والحكمة فيه ) أنَّ مَنْ ذكر جلالَ الله استخف غيره، فلا يخاف أحداً، ويقوى روحه بذلك الذكر فلا يضعف في مقصوده، ومن ذكر الله فلا بد وأن يكون ذاكراً إحسانه ( وذاكرُ إحسانه ) لا يفتر في أداء أوامره.
وقيل : لاَ تَنِيَا في ذِكْرِي عند فرعون، وكيفية الذكر أن يذكرا لفرعون وقومه أنَّ الله تعالى لا يرضى منهم الكفر، ويذكرا لهم أمر الثواب والعقاب، والترغيب والترهيب.


الصفحة التالية
Icon