أي سبقت هذه البيض لتملاه.
وفاعل يفرط ضمير فرعون، وهذا هو الظاهر الذي ينبغي أن لا يعدل عنه، وجعله أبو البقاء مضمراً لدلالة الكلام عليهن فقال : فيجوز أن يكون التقدير : أن يَفْرُط علينا منه قولٌ فأضمر القول لدلالة الحال عليه كما تقول : فَرَط منِّي قول، وأن يكون الفاعل ضمير فرعون كما كان في « يَطْغَى ».
فصل
قال ابن عباس :« يَفْرُطَ عَلَيْنَآ » يعجل علينا بالقتل والعقوبة. يقال : فَرَطَ عَلَيْنَا فلان إذا عجل بمكروه، وفَرَط منه أي بدر وسبق ﴿ أَوْ أَن يطغى ﴾ يجاوز الحد بالتخطي إلى أن يقول فيك ما لا ينبغي لجرأته عليك. واعلم أن من أمر بشيء فحاول دفعه لأعذار يذكرها فلا بد أن يختم كلامه بما هو الأقوى، كما أن الهُدْهُدَ ختم عذره بقوله :﴿ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ الله ﴾ [ النمل : ٢٤ ]، فكذا هاهنا بدأ موسى بقوله ﴿ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ ﴾، وختم بقوله ﴿ أَوْ أَن يطغى ﴾ لما كان طغيانه في حق الله -تعالى- أعظم من إفراطه في حق موسى وهارون.
قوله :﴿ قَالَ لاَ تَخَافَآ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وأرى ﴾ لا تخافا مما عرض في قلبكما من الإفراط والطغيان، لأن ذلك هو المفهوم من الكلام، لأنه -تعالى- لم يؤمنهما من الرد، ولا من التكذيب بالآيات ومعارضة السحرة وقوله :« إِنَّنِي مَعَكُمَآ » أي : بالحراسة والحفظ وقوله :« أَسْمَعُ وأرى » قال ابن عباس : اسمع دعاءكما فأجيبه، وأرى ما يراد بكما فأمنع لست بغافل عنكما فلا تهتما.
وقال القفال :( قوله : أَسْمَعُ وَأَرَى ) قال ابن عباس : اسمع دعاءكما فأجيبه، وأرى ما يراد بكما فأمنع لست بغافل عنكما فلا تهتما.
وقال القفال :( قوله :« أسْمَعُ وَأرَى » يحتمل أن يكون مقابلاً لقوله ﴿ يَفْرُطَ عَلَيْنَآ أَوْ أَن يطغى ﴾ ﴿ أَوْ أَن يطغى ﴾ بأن لا يسمع منّا « يَفْرُطَ عَلَيْنَآ » بأن يقتلنا، فقال الله تعالى :﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ ﴾ كلامكما فأسخّره للاستماع منكما، « وَأَرَى » أفعاله فلا أتركه حتى يفعل بكما ما تكرهانه واعلم أن مفعول ) ( أسْمَعُ وَأَرَى ) محذوف، فقيل : تقديره : أسمع أقوالكما وأرى أفعالكما.
وعن ابن عباس : أسمع جوابه لكما ( وَأَرَى مَا يُفْعَل بِكُمَا ).
أو يكون من حذف الاقتصار، نحو « يحيي ويُميت ».