قوله :« فَأجْمِعُوا » قرأ أبو عمرو « فاجْمَعوا » بوصف الألف وفتح الميم. والباقون : بقطعها مفتوحة وكسر الميم، وقد تقدم تحقيق ذلك في سورة يونس.
و « كَيْدَكُم » مفعول به، وقيل : هو على إسقاط الخافض أي : على كَيْدِكم وليس بشيء. فأما قراءة أبي عمرو في من الجمع أي لا تدعوا شيئاً من كَيْدِكُمْ إلا جئتم به بدليل قوله :« فَجَمَعَ كَيْدَهُ ».
ومعنى القراءة الباقين قيل : معناه الجمع أيضاً تقول العرب : أجمعت الشيء وجمعته بمعنى واحد.
والصحيح أن معناه العزم والإحكام قال الفراء : الإجماع الإحكام والعزيمة على الشيء. أي أجمعُوا كُلكم على كيده مجتمعين له ولا تختلفوا فيختل أمركم.
﴿ ثُمَّ ائتوا صَفّاً ﴾ أي : جميعاً، قاله مقاتل والكلبي.
وقيل : أي : مُصْطَفِّين مجتمعين، ليكون أنظم لأمركم وأشد لهيبتكم.
وقال أبو عبيدة، والزجاج : الصَّف موضع الجمع، ويسمى المصلى صفاً، أي : ائتوا المكانَ الموعودَ الذي تجتمعون فيه ليعيدكم.
قوله :« صَفًّا » يجوز أن يكون حالاً من فاعل « ائْتُوا » أي ائْتُوا مصطفين أي ذوي صَفٍّ فهو مصدر في الأصل.
وقيل : هو مفعول به أي : ائْتُوا قوماً صفًّا، وفيه التسمية بالمصدر. أو هو على حذف مضاف أي ذوي صف.
قوله :« وَقَدْ أفْلَحَ » قال الزمخشري : اعتراض بمعنى : وقد فاز من غلب.
يعني بالاعتراض : أنه جيء بهذه الجملة ( أجنبية من كلامهم ومقولتهم، لأن من جملة قولهم :
﴿ قَالُواْ ياموسى إِمَّآ أَن تُلْقِيَ ﴾ [ طه : ٦٥ ]، وهذه الجملة ) أعني : قوله :« وَقَدْْ أَفْلَحَ » من كلام الله تعالى، فهي اعتراض بهذا الاعتبار. وفيه نظر. لأن الظاهر أنها من ( مقولاتهم قالوا هذا تحريضاً لقومهم على القتال وحينئذ فلا اعتراض.


الصفحة التالية
Icon