[ العنكبوت : ٢ ].
والجواب : ليس في ظهور صوت من عجلٍ متخذٍ من الذهب شبهة أعظم مما في الشمس والقمر، والدليل الذي ينفي كون الشمس والقمر إلهاً أولى بأن ينفي كون العجل إلهاً، فحينئذ لا يكون حدوث العجل تشديداً في التكليف ولا يصح حمل الآية عليه، فوجب حمله على خلق الضلال فيهم.
وقوله : أضاف الإضلال إلى السَّامري. قلنا : أليس أن جميع المسببات العادية تضاف إلى أسباب من الظاهر وإن كان الموجد هو الله -تعالى- فكذا هاهنا. وأيضاً قرئ « وَأَضَلَّهُم السَّامِرِيّ » أي : وأشد ضلالهم السامري، وعلى هذا لا يبقى للمعتزلة استدلال، ثم الذي يحسم مادة الشغب مسألة الداعي. وقوله :« وَأَضَلَّهُم السَّامِرِي » العامة على أنه فعلٌ ماض مسند إلى السامري.
وقرأ أبو معاذ « وَأَضَلَّهُم » مرفوعاً بالابتداء، وهو أفعل تفضيل، و « السَّامِرِيُّ » خبره.
ومعنى « أَضَلَّهُمْ » أي : دَعَاهم وصَرفَهُم إلى عبادة العِجْلِ، وأضاف الإضلال إلى السَّامِرِيُّ، لأنهم ضلوا بسببه. قال ابن عباس في رواية سعيد بن جبير : كان السامري عِلْجاً من أهل كِرْمان وقع إلى مصر، وكان من قوم يعبدون البقر، والأكثرون على أنه كان من عظماء بني إسرائيل من قبيلة يقال لها : السَّامرة. قاله الزجاج.
وقال عطاء عن ابن عباس كان الرجلُ من القبطِ جاراً لموسى وقد آمن رُوِيَ أنهم أقاموا بعد مفارقة موسى عشرين ليلة وحسبوها أربعين مع أيَّامِها، وقالوا قد أكملنا العدة، ثم كان أمر العجل بعد ذلك.
فإن قيل : كيف التوفيق بين هذا وبين قوله لموسى عند مقدمه ﴿ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ ﴾.
فالجواب من وجهين :
الأول : أنه تعالى أخبر عن الفتنة المترقبة بلفظ الموجودة الكائنة على عادته كقوله :﴿ اقتربت الساعة ﴾ [ القمر : ١ ] ﴿ ونادى أَصْحَابُ الجنة ﴾ [ الأعراف : ٤٤ ] إلى غير ذلك.
الثاني : أنَّ السامري شرع في تدبير الأمر لما غاب موسى -عليه السلام- ثم رجع موسى إلى قومه بعد ما استوفى الأربعين ذا القعدة وعشر ذي الحجة.