والأَمْتُ النتوُّ اليسير يقال : مَدَّ حَبْلَهُ حتى ما فيه أمْتٌ. وقيل : الأمت التل، وهو قريب من الأول.
وقيل : الشُّقُوقُ في الأرض. وقيل : الإكام.
وقال الحسن : العوَج ما انخفض من الأرض، والأمْتُ ما نشز من الرَّوابي. والمقصود من وصف الأرض بهذه الأوصَاف أنها تكون في ذلك اليوم ملساءَ خالية عن الارتفاع والانخفاض وأنواع الانحراف والاعوجاج. قوله :« يَوْمَئِذٍ » منصوب ب « يَتَّبِعُونَ » وقيل : بدل من « يَوْمَ القِيَامَةِ » قاله الزمخشري. وفيه نظر، للفصل الكثير وأيضاً يبقى « يَتَّبِعُونَ » غير مرتبط بما قبله، وبه يفوت المعنى والتقدير : يوم إذا نُسِفَت الجِبَالُ.

فصل


« الدَّاعِي » إسرافيل، والدُّعَاءُ هو النفخ في الصور، أي يتبعون صوتَ الداعي الذي يدعوهم إلى موقف القيامة. وقوله :« لاَ عِوَجَ لَهُ » أي لا يعدل عن أحد بدعائه بل يحشر الكُلُّ. وقيل : لا عوج لدعائه، وهو من المقلوب، أي لا عوج لهم من دعاء الدَّاعِي لا يعوجونَ عنه يميناً ولا شَمالاً.
وقيل : إنه مَلَكٌ قائِمٌ على صخرة بيت المقدس ينادي ويقول : أيَّتُهَا العِظَام النخرة، والأوصال المتفرقة، واللحوم المتمزقة قُومي إلى عَرْض الرَّحمن.
قوله :﴿ وَخَشَعَتِ الأصوات للرحمن ﴾ أي : سَكَنَتْ وذلَّت وخضَعَتْ. وصف الأصوات بالخشوع والمرادُ أهلُهَا.
قوله :﴿ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً ﴾ الاستثناء مفعول به، وهو استثناء مفرغ. والهَمْسُ : الصوت الخفي، قيل : هو تَحْرِيكُ الشفتيْن دون النطق قال الزمخشري : وهو الذكر، الخفي، ومنه الحروف المهموسَة.
وقال ابن عباس والحسن وعكرمة : الهَمْسُ : وَطْءُ الأقدام أي : لا تسمع إلا خَفْقَ الأرض بأقدامهم، ومنه هَمَست الإبل ( إذا سمع ذلك من وقع ) أخافها على الأرض، قال :
٣٦٩١- وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا... قوله :« يَوْمَئِذٍ » بدلٌ مما تقدم، أو منصوبٌ بما بعده « لاَ » عند من يجيز ذلك والتقدير : يومَ إذ يَتَّبِعُونَ لا تنفَعُ الشَّفَاعَةُ.
قوله :﴿ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ ﴾ فيه أوجه :
أحدها : أنه منصوب على المفعول به، والناصب له « تَنْفَعُ » و « مَنْ » حينئذ واقعة على المَشْفُوعِ له.
الثاني : أنَّه في محل رفع بدلاً من « الشَّفاعة »، ولا بدَّ من حذف مضاف تقديره : إلا شَفَعَةُ مَنْ أذِنَ لَه.
الثالث : أنه منصوب على الاستثناء من « الشفاعة » بتقدير المضاف المحذوف وهو استثناء متصل على هذا، ويجوز أن يكون استثناء منقطعاً إذا لم نقدر شيئاً وحينئذ يجوز أن يكون منصوباً وهي لغة الحجاز، أو مرفوعاً وهي لغة تميم، وكل هذه الأوجه واضحة.
( و « لَهُ » ) في الموضعين للتعليل كقوله :﴿ قَالَ الذين كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمنوا ﴾ [ مريم : ٧٣ ] أي لأجله ولأجلهم.


الصفحة التالية
Icon