٣٦٩٢- فَيَا رُبَّ مَكْرُوبٍ كَرَرْتُ وَرَاءَهُ | وَعَانٍ فَكَكْتُ الغُلَّ عظَنْهُ فَقَدْ أَبَى |
٣٦٩٣- مَليكٍ عَلَى عَرْشِ السَّمَاءِ مُهَيْمِنٌ | لِعِزَّتِهِ تَعْنُو الوُجُوهُ وَتَسْجُدُ |
قوله :« وَقَدْ خَابَ » يجوز أن تكون هذه الجملة مستأنفة، وأن تكون حالاً، ويجوز أن يكون اعتراضاً. قال الزمخشري :« وَقَدْ خَابَ » وما بعده اعتراض كقولك خَابُوا وخَسِرُوا، وكل من ظلم فهو خائِبٌ خَاسِر.
ومراده بالاعتراض هنا أنَّه خصَّ الوجوه بوجوه العصاة حتى تكون الجملة قد دخلت بين العُصَاة وبين ﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالحات ﴾ فَهذَا عنده قسيم « وَعَنَتْ الوُجُوهُ » فلهذا كان اعتراضاً. وأما ابن عطية فجعل « الوُجُوهُ » عامة، فلذلك جعل ﴿ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً ﴾ معادلاً بقوله ﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالحات ﴾ إلى آخره.
فصل
قال ابن عباس :« خَابَ » خَسِر من أشْرَكَ بالله. والظُّلمُ : الشِّرك قال الله تعالى ﴿ إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [ لقمان : ١٣ ] والمراد بالخيبة : الحِرمان، أي : حُرِم الثواب مَنْ حَمَل ظُلْماً، أي ظلم ولم يتب. ثم قال :﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالحات ( وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾ ) أي : ومَنْ يَعمل شيئاً مِنَ الصَّالِحَاتِ، والمراد به الفرائض وكان عمله مقروناً بالإيمان، نظيره قوله :﴿ وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصالحات ﴾ [ طه : ٧٥ ]. قوله :« وَهُوَ مُؤْمِنٌ » جملة حالية.
« فَلاَ يَخَافُ » قرأ بن كثير ( بجزمه ) على النهي، والمعنى : أَمِنَ، والنهي عن الخوف أمر بالأمن.
والباقون : برفعه على النفي والاستئناف، أي : فهو لا يخاف.
والهضم : النقصُ تقول العرب : هَضَمَتْ لزيدٍ مِنْ حَقِّي أي : نقصتُ منه، ومنه : هَضِيمُ الكَشْحَيْن أي : ضامُرُها، ومن ذلك أيضاً، « طَلْعُهَا هَضِيمٌ » أي : دقيق متراكب كأنَّ بعضه يظلم بعضاً فينتقصه حقه.
ورَجلٌ هضيمٌ أي مظلوم.
وهضمته واهتضمته وتَهَّضمتُه عليه بمعنى، قال المتوكل الليثي :
٣٦٩٤- إنَّ الأذلَّةَ واللِّئَامَ لمِعْشَرٍ | مَوْلاَهُم المُتَهَضَّم المَظْلُومُ |
وقال أبو مسلم : الظلم أن ينقص من الثواب، والهضم أن لا يوفي حقه.