ويجوز أن يكون مرفوعاً على الاستئناف، أيك فأنت تشقى، كذا قدره أبو حيان.
وهو بعيد أو ممتنع، إذ ليس المقصود الإخبار بأنه يشقى بل إن وقع الإخراج لهما من إبليس حصل ما ذكر. وأسند الشقاء إليه دونها، لأن الأمور معدوقة برؤوس الرجال، وحسن ذلك كونه رأس فاصلة، ولأنَّه إن أريد بالشقاء التعب في طلب القوت فذلك على الرجل دون المرأة.
قوله :﴿ إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ ﴾ خبر « إنَّ »، و « ألاَّ تَجُوعَ » في محل نصب اسماً لها، ( والتقدير : إنَّ لَكَ عدم الجوع والعُرْي ) و « تَعْرَى » منصوب تقديراً نسقاً على « تَجُوع » ( والعُرْيُ تجرد الجلد عن شيء يقيه، يقال منه : عَرِيَ يَعْرَى عَرْياً ) قل الشاعر :
٣٦٩٧- فَإنْ يَعْرَيْنَ إنْ كُسِيَ الجَوَارِي | فتَنْبُو العينُ عَنْ كَرَم عِجَافِ |
فمن كسر يجوز أن يكون ذلك استئنافاً، وأن يكون نسقاُ على » إنَّ « الأولى. ومن فتح فلأنه عطف مصدراً مؤولاً على اسم » إنَّ « الأولى، والخبر » لَكَ « المتقدم. والتقدير : إنَّ لَكَ عدم الجوع، وعدم العري، وعدم الظمأ والضحى. وجاز أن يكون » أنَّ « بالفتح اسماً ل » إنَّ « بالكسر للفصل بينهما، ولولا ذلك لم يجز. لو قلت : إنَّ أنَّ زيداَ حق لم يجز، فلما وصل بينهما جاز.
وتقول : إنَّ عندِي أنَّ زيداً قائمٌ، فعندي هو الخبر على الاسم وهو أنَّ وَمَا في تأويلها لكونه ظرفاً، والآية من هذا القبيل إذ التقدير : فإن لك أنَّك لا تَظْمَأ وقال الزمخشري : فإن قلت :» إنَّ « لا تدخل على » أنَّ «، فلا يقال : إنَّ أنَّ زيداً منطلقٌ، والواو نائبة عن » إنَّ « وقائمة مقامها، فلم دخلت عليها؟ قلت : الواو لم توضع لتكون أبداً نائبة عن » إنَّ « إنما هي نائبة عن كل عاما، فلمَّا لم تكن حرفاً موضوعاً للتحقيق خاصة كإن لم يمتنع اجتماعهما كما اجتمع » إنَّ « و » أنَّ « وضَحِيَ يَضْحَى أي : برز للشمس، قال عمر بن أبي ربيعة :
٣٦٩٨- رَأَتْ رَجُلاً أمَّا إذَا الشَّمْسَ عَارَضَتْ | فَيَضْحَى وَأَمَّا بالعَشِيَّ فَيَخْصَرُ |