ويحتمل أن ما أوتيته من يسير الدنيا إذا قرنته بالطاعة، ورضيت به، وصبرت عليه كانت عاقبته خيراً لك. ويحتمل أن يكون المراد ما أعطي من النبوة والدرجات الرفيعة. قوله :﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصلاة ﴾ أي : قَوْمك.
وقيل : مَنْ كان على دينك كقوله تعالى :﴿ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بالصلاة ﴾ [ مريم : ٥٥ ] وحمله بعضهم على أقاربه.
« واصْطَبِرْ عليها » أي : اصبِرْ على الصلاة وحافظ عليها فإنها تَنْهى عن الفحشاء والمنكر. وكان رسولُ الله - ﷺ - بعدَ نزول هذه الآية يذهب إلى فاطمة وعليّ -عليهما السلام- في كلِّ صباحٍ ويقول :« الصَّلاة ». ثم بيَّن تعالى أنَّما أمرهم بذلك لنفعهم وأنه متعال عن المنافع، فقال :﴿ لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً ﴾ أي : لا نكلفك أن ترزق أحداً من خلقنا، ولا أن ترزق نفسَك، وإنما نكلفُكَ عَمَلاً فَفَرِّغْ بالَك لأمر الآخرة، كما قال بعضهم : مَنْ كان في عمل الله كان الله في عمله. وقال أبو مسلم : معناه إنما يُريدُ منه أن يرزقه كما يريد السادة من العبيد الخراج، ونظيره ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ﴾ [ الذاريات : ٥٦، ٥٧ ]. وقيل : المعنى إنما أمرناك بالصَّلاة لا لأنا ننتفع بصلاتك. « نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ » في الدنيا بوجود النعم، وفي الآخرة بالثواب قال عبد الله بن سلام : كان النبيُّ - ﷺ - إذا نزل بأهلِهِ ضِيقٌ أو شِدَّةٌ أمرهم بالصلاة، وتلا هذه الآية.
« وَالعَاقِبَةُ » الجميلة المحموجة « لِلتَّقْوَى » أي : لأهل التقوى. قال ابن عباس -Bهما- :( الذين صدَّقوك واتَّبعوك واتقون )، ويؤيده قوله في موضع آخر، ﴿ والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [ الأعراف : ١٢٨، القصص : ٨٣ ]. وقرأ ابنُ وثاب :« نَرْزُقكَ » بإدغام القاف في الكاف، والمشهور عنه أنه لا يدغم إلا إذا كانت الكاف متصلة بميم جمع نحو : خَلَقَكُمْ، كما تقدم.


الصفحة التالية
Icon