ثم قال :﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الحق ﴾ لما طالبهم بالدلالة على ما ادعوه، وبين أنه لا دليل لهم البتة لا من جهة العقل ولا من جهة السمع، ذكر بعده أن وقوعهم في هذا المذهب الباطل ليس لأجل دليل ساقهم إليه بل لأن عندهم أصل الشر والفساد وهو عدم العلم والإعراض عن استماع الحق.
العامة على نصب « الحَقَّ » وفيه وجهان :
أظهرهما : أنه مفعول به بالفعل قبله.
والثاني : أنه مصدر مؤكد. قال الزمخشري : ويجوز أن يكون المنصوب أيضاً على التوكيد لمضمون الجملة لسابقة كما تقول : هذا عبد الله الحق لا الباطل فأكد انتقاء العلم. وقرأ الحسن وابن محيصن وحميد برفع وحميد برفع « الحَقُّ » وفيه وجهان :
أحدهما : أنه خبر لمبتدأ مضمر.
قال لزمخشري « وقرئ » الحَقُّ « بالرفع على توسط التوكيد بين السبب والمسبب والمعنى أن إعراضهم بسبب الجهل هو الحق لا الباطل.
قوله تعالى :﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ ﴾ الآية. اعلم أن هذه الآية مقررة لما سبقها من آيات التوحيد. وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم » نُوحِي « بالنون وكسر الحاء على التعظيم لقوله » « أَرْسَلْنَا » وقرأ الآخرون بالياء وفتح الحاء على الفعل المجهول.