﴿ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ ﴾ [ البقرة : ٢٧٩ ] وقول ابن حلزة :
٣٧٤٢- آذَنْتَنَا بِبَيْنهَا أَسْمَاءُ | وقد تقدم تحقيق هذا في البقرة. |
فصل
قال أبو مسلم : الإنذار على السواء الدعاء على الحرب مجاهرة كقوله :﴿ فانبذ إِلَيْهِمْ على سَوَآءٍ ﴾ [ الأنفال : ٥٨ ] وفائدة ذلك أنه كان يجوز أن يقدر من أشرك أنّ ةحالهم مخالف لسائر حال الكفار في المجاهرة، فعرفهم بذلك أنهم كالكفار في ذلك. وقيل : المعنى : فقد أعلمتكم ما هو الواجب عليكم من التوحيد وغيره على سواء في الإبلاغ والبيان، لأني بعثت معلماً، والغرض منه إزاحة العذر لئلا يقولوا ﴿ رَبَّنَا لولاا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً ﴾ [ طه : ١٣٤ ] وقيل :( ليستوي في الإيمان ). وقيل :﴿ آذَنتُكُمْ على سَوَآءٍ ﴾ أي : على مهل أي : لا أعاجل بالحرب الذي آذنتكم، بل أمهل وأؤخر رجاء إسلامكم.
قوله :﴿ وَإِنْ أدري ﴾ العامة على إرسال الياء ساكنة، إذ لا موجب لغير ذلك. وروي عن ابن عباس أنه قرأ « وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ » « وَإنْ أَدْرِيَ لَعَلَّهُ فتْنَةُ » بفتح الياءين، وخرجت على التشبيه بياء الإضافة على أن ابن مجاهد أنكر هذه القراءة البتة. وقال ابن جنيّ : هو غلط، لأن « أن » نافية لا عمل لها. ونقل أبو البقاء عن غيره أنه قال في تخريجها : أنه ألقي حركة الهمزة على الياء فتحركت، وبقيت الهمزة ساكنة، فأبدلت ألفاً لانفتاح ما قبلها، ثم أبدلت همزة متحركة، لأنها في حكم المبتدأ بها، والابتداء بالساكن محال. وهذا تخريج متكلف لا حاجة إليه، ونسبة راويها عن ابن عباس إلى الغلط أولى من هذا التكلف فإنها قراءة شاذة، وهذا التخريج وإن وقع في الأولى فلا يجري في الثانية شيئاً. وسيأتي قريب من ادعاء قلب الهمزة ألفاً ثم قلب الألف همزة في قوله :« مِنْسَأَتَهُ » -إن شاء الله-، وبذلك يسهل الخطب في التخريج المذكور والجملة الاستفهامية في محل نصب ب « أّدْرِي »، لأنها معلقة لها عن العملأ، وأخر المستفهم عنه لكونه فاصلة، ولو وسط لكان التركيب : أقريب ما توعدون أم بعيد، ولكنه أخر مراعاة لرؤوس الآي. و « مَا تُوعَدُونَ » يجوز أن يكون مبتدأ وما قبله خبر عنه ومعطوف عليه، وجوّز أبو البقاء فيه أن يرتفع فاعلاً ب « قَرِيبٌ » قال : لأنه اعتمد على الهمزة. قال : ويخرج على قول البصريين أن يرتفع ب « بَعِيدٌ » لأنه أقرب إليه. يعني أنه يجوز أن تكون المسألة من التنازع فإِن كُلاًّ من الوصفين يصح تسلطه على « مَا تُوعَدُونَ » من حيث المعنى.
فصل
المعنى : وما أدري أقريب أم بعيد ما توعدون، يعني : القيامة أو من عذاب الدنيا.