الرابع : أنه معطوف على ذلك المفعول المحذوف، التقدير يحلون فيها الملبوس من أساور ولؤلؤاً ف « لُؤلُؤاً » عطف على الملبوس.
وأما الجر فعلى وجهين :
أحدهما : عطفه على « أَسَاوِر ».
والثاني : عطفه على « مِنْ ذَهَب »، ( لأنَّ السوار يتخذ من اللؤلؤ أيضاً بنظم بعضه إلى بعض. فقد منع أبو البقاء أن يعطف على « ذَهَب » ). قال : لأنَّ السوار لا يكون من اللؤلؤ في العادة. قال شهاب الدين : بل قد يتخذ منه في العادة السوار.
واختلف الناس في رسم هذه اللفظة في الإمام فنقل الأصمعي أنها في الإمام « لؤلؤ » بغير ألف بعد الواو. ونقل الجحدري أنها ثابتة في الإمام بعد الواو وهذا الخلاف بعينه قراءة وتوجيهاً جارٍ في حرف فاطر أيضاً. وقرأ أبو بكر في رواية المعلى بن منصور عنه « لؤلؤاً » بواو أولاً وياء آخراً، والأصل « لؤلؤاً » أبدل الهمزتين واوين، فبقي في آخر الاسم واو بعد ضمة، ففعل فيها ما فعل بأدل جمع دلو بأن قلبت الواو ياء والضمة كسرة.
وقرأ ابن عباس « وَليلياً » بياءين فعل ما فعل الفياض ثم أتبع الواو الأولى للثانية في القلب وقرأ طلحة « وَلُولٍ » بالجرِ عطفاً على المجرور قبله، وقد تقدم، والأصل وَلُولُو بواوين ثم أعل إعلال أَدْلٍ. واللؤلؤ قيل : كبار الجوهر، وقيل : صغاره.
قوله :﴿ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ﴾ أي أنهم يلبسون في الجنة ثياب الإبريسم والمعنى أنه تعالى يوصلهم في الآخرة إلى ما حرمه عليهم في الدنيا. قال عليه السلام « مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ في الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخرة، فإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه ».
قوله :﴿ وهدوا إِلَى الطيب مِنَ القول ﴾. يجوز أن يكون « من القول » حالاً من « الطيب »، وأن يكون حالاً من الضمير المستكن فيه. و « من » للتبعيض أو للبيان.
قال ابن عباس : الطيب من القول : شهادة أن لا إله إلا الله، ويؤيد هذا قوله :﴿ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً ﴾ [ إبراهيم : ٢٤ ] وقوله :﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكلم الطيب ﴾ [ فاطر : ١٠ ]. وهو صراط الحميد، لقوله :﴿ وَإِنَّكَ لتهدي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [ الشورى : ٥٢ ] وقال ابن زيد : لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله وسبحان الله. وقال السدي : هو القرآن. وقال ابن عباس في رواية عطاء : هو قول أهل الجنة :﴿ الحمد للَّهِ الذي صَدَقَنَا وَعْدَهُ ﴾ [ الزمر : ٧٤ ]. ﴿ وهدوا إلى صِرَاطِ الحميد ﴾ إلى دين الله وهو الإسلام، و « الحميد » هو الله المحمود في أفعاله.


الصفحة التالية
Icon