قال بعض المفسرين :﴿ فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ فِي الأمر ﴾ في أمر الذبائح، نزلت في بُدَيْل بن ورقاء وبشر بن سفيان ويزيد بن حُبَيش قالوا لأصحاب النبي ﷺ : مَا لَكُمْ تَأْكُلُونَ مَا تَقْتُلون بأَيْدِيْكُمْ وَلاَ تَأْكُلُونَ مَا قَتَلَ اللَّه.
والثاني : أن المراد أن عليهم اتباعك وترك مخالفتك، وقد استقر الآن الأمر على شرعك، وعلى أنه ناسخ لكل ما عداه، فكأنه قال : كل أمة بقيت منها بقية يلزمها أن تتحول إلى اتباع الرسول - عليه السلام - فلذلك قال :﴿ وادع إلى رَبِّكَ ﴾ أي : لا تخص بالدعاء أمة دون أمة، فكلهم أمتك فادعهم إلى شريعتك، فإنك على هدى مستقيم والهدى يحتمل أن يكون نفس الدين، وأن يكون أدلة الدين، وهو أولى. كأنه قال : ادعهم إلى هذا الدين فإنك من حيث الدلالة على طريقة واضحة، ولهذا قال :« وَإِنْ جَادَلُوْك » أي فإن عدلوا عن هذه الأدلة إلى المراء والتمسك بعادتهم ﴿ فَقُلِ الله أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ أي أنه ليس بعد إيضاح الأدلة إلا هذا الجنس الذي يجري مجرى الوعيد والتحذير من يوم القيامة الذي يتردد بين جنة وثواب لمن قَبِل وبين نار وعقاب لمن رَدّ وأنكر. فقال :﴿ الله يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ القيامة فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ فتعرفون حينئذ الحق من الباطل.