و « بَعْدَ ذَلِك » متعلق ب « مَيِّتُونَ »، ولا تمنع لام الابتداء من ذلك.
قوله :﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القيامة تُبْعَثُونَ ﴾ جعل الإماتة التي هي إعدام الحياة والبعث الذي هو إعادة ما يفنيه ويعدمه دليلين على اقتدار عظيم بعد الإنشاء والاختراع.
فإن قيل : ما الحكمة في الموت، وهلا وَصَل نعيم الآخرة وثوابها بنعيم الدنيا فيكون ذلك في الإنعام أبلغ؟
فالجواب هذا كالمفسدة في حق المكلفين لأنه متى عجل للمرء الثواب فيما يتحمله من المشقة في الطاعات صار إتيانه بالطاعات لأجل تلك المنافع لا لأجل طاعة الله بدليل أنه لو قيل لمن يصوم : إذا فعلت ذلك أدخلناك الجنة في الحال فإنه لا يأتي بذلك الفعل إلا لطلب الجنة، فلا جرم أخره وبعده بالإماتة، وهو الإعادة، ليكون العبد عابداً لطاعته لا لطلب الانتفاع.
فإن قيل : هذه الآية تدل على نفي عذاب القبر، لأنه قال :﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلك لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القيامة تُبْعَثُونَ ﴾ ولم يذكر بين الأمرين الإحياء في القبر والإماتة.
فالجواب من وجهين :
الأول : أنه ليس في ذكر الحياتين نفي الثالثة.
والثاني : أنّ الغرض من ذكر هذه الأجناس الثلاثة الإحياء والإماتة والإعادة والذي تُرك ذكره فهو من جنس الإعادة.


الصفحة التالية
Icon