وهو قول أبي علي.
الثاني : أنه على حذف مضافين، تقديره : أو كَأَعْمَالٍ ذِي ظُلُمَاتٍ فَيُقَدَّر « ذي » ليصح عود الضمير إليه في قوله :﴿ إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ ﴾ ويقدر « أَعْمَال » ليصح تشبيه أعمال الكفار بأعمال صاحب الظلمة، إذ لا معنى لتشبيه العمل بصاحب الظلمة.
الثالث : أنه لا حاجة إلى حذف البتَّة، والمعنى : أنه شَبَّهَ أعمالَ الكُفَّارِ في حَيْلُولَتِهَا بين القلب وما يهتدي به بالظلمة.
وأما الضميران في « أَخْرَجَ يَدَهُ » فيعودان على محذوف دلَّ عليه المعنى، أي : إذا أخرج يده من فيها و « أَوْ » هنا للتنويع لا للشك. وقيل : بل هي للتخيير، أي :« شَبهُوا أعمالهم بهذا أو بهذا. وقرأ سفيان بن حسين :» أوَ كَظُلُمَاتٍ « بفتح الواو، جعلها عاطفة دخلت عليها همزة الاستفهام التي معناها التقرير، وقد تقدم ذلك في قوله :﴿ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ القرى ﴾ [ الأعراف : ٩٨ ]. قوله :﴿ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ ﴾ :» في بَحْر « صفة ل » ظُلُمَاتٍ « فيتعلق بمحذوف. واللُّجِيُّ : منسوبٌ إلى » اللُّجِّ « وهو مُعْظَمُ البحر قاله الزمخشري.
وقال غيره : منسوب إلى اللُّجَّةِ بالتاء، وهي أيضاً معظمه. فاللُّجّيّ : هو العميق الكثير الماء، وفيه لغتان : كسر اللام، وضمها.
قوله :» يَغْشَاه موجٌ « صفة أخرى ل » بَحْرٍ « هذا إذا أعدنا الضمير في » يَغْشَاهُ « على » بَحْرٍ « وهو الظاهر. وإن قدَّرنا مضافاً محذوفاً، أي :» أَو كَذِي ظُلُمَاتٍ « كما فعل بعضهم كان الضمير في » يَغْشَاهُ « عائداً عليه، وكانت الجملة حالاً منه لتخصيصه بالإضافة، أو صفة له. قوله :﴿ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ ﴾ يجوز أن تكون هذه جملة من مبتدأ وخبر صفة ل » مَوْجٍ « الأول ويجوز أن يجعل الوصف الجار والمجرور فقط، و » مَوْجٌ « فاعل به، لاعتماده على الموصوف، قوله :﴿ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ﴾ فيه الوجهان المذكوران قبله من كون الجملة صفة ل » مَوْجٍ « الثاني، أو الجار فقط.
قوله :» ظُلُمَاتٌ «. قرأ العامة بالرفع، وفيه وجهان :
أجودهما : أن يكون خبر مبتدأ مضمر تقديره : هذه أو تلك ظلمات.
الثاني : أن يكون » ظُلُمَاتٌ « مبتدأ، والجملة من قوله :﴿ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ﴾ خبره، ذكره الحوفي وفيه نظر، لأنه لا مسوغ للابتداء بهذه النكرة، اللهم إلا أن يقال : إنها موصوفة تقديراً، أي : ظلمات كثيرة متكاثفة، كقولهم :» السمن منوان بِدِرْهم «.
وقرأ ابن كثير :» ظُلُمَاتٍ « بالجر، إلا أنَّ البزِّي روى عنه حينئذ حذف التنوين من » سَحَابُ « فقرأ البَزِّيُّ عنه :» سَحَابُ ظُلُمَاتٍ « بإضافة » سَحَابُ « ل » ظُلُمَاتٍ «.