[ الحديد : ١٢ ]. ولهذا قال أبي بن كعب : الكافر يتقلب في خمس من الظلم : كلامه ظلمة، وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، ومصيره إلى الظلمات إلى النار.
وفي كيفية هذا التشبيه وجوه :
الأول : قال الحسن :« إن الله تعالى ذكر ثلاثة أنواع من الظلمات ظلمة البحر، وظلمة الأمواج، وظلمة السحاب، كذا الكافر له ظلمات ثلاث : ظلمة الاعتقاد، وظلمة القول، وظلمة العمل ».
الثاني : قال ابن عباس :« شبه قلبه وسمعه وبصره بهذه الظلمات الثلاث ».
الثالث : أن الكافر لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري، ويعتقد أنه يدري، فهذه المراتب الثلاثة تشبه تلك الظلمات الثلاث.
الرابع : قلب مظلم في صدر مظلم في جسد مظلم.
الخامس : أن هذه الظلمات متراكمة، فكذا الكافر لشدة إصراره على كفره قد تراكمت عليه الضلالات حتى لو ذكر عنده أظهر الدلائل لم يفهمه.
قوله :﴿ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ ﴾.
قال ابن عباس : من لم يجعل الله له ديناً وإيماناً فلا دين له. وقيل : من لم يهده الله ( فلا إيمان له ) ولا يهديه أحد. قال أهل السنة : إنه تعالى لما وصف هداية المؤمن بأنها في نهاية الجلاء والظهور عقبها بأن قال :﴿ يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ ﴾ [ النور : ٣٥ ]، ولما وصف ضلالة الكافر بأنها في نهاية الظلمة عقبه بقوله :﴿ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ ﴾. والمراد من ذلك أن يعرف الإنسان أن ظهور الدلائل لا يفيد الإيمان، وظلمة الطريق لا تمنع منه، فإن الكل مربوط بخلق الله وهدايته وتكوينه.
قال القاضي : قوله :﴿ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُوراً ﴾ يعني في الدنيا بالإلطاف ﴿ فَمَا لَهُ مِن نُورٍ ﴾ أي : لا يهتدي فيتحير، وتقدم الكلام عليه.