فصل


ودلت الآية على أنه سبحانه منزه عن الشريك، لقوله :﴿ لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ﴾ وذلك يدل على نفي الإله الثاني، وعلى أنه لا يجوز عبادة غير الله سبحانه.

فصل


ودلت الآية على نبوة محمد - ﷺ - لأنه أخبر عن الغيب بقوله :﴿ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرض ﴾ ﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الذي ارتضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾ وقد وجد هذا المخبر موافقاً للخبر، ومثل هذا الخبر معجز، والمعجز دليل الصدق، فدل على صدق محمد عليه السلام.

فصل


دلت الآية على أنّ العمل الصالح خارج عن مسمى الإيمان، خلافاً للمعتزلة، لأنه عطف العمل الصالح على الإيمان، والمعطوف خارج عن المعطوف عليه.

فصل


دلت الآية على إمامة الأئمة الأربعة، لأنه تعالى وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الحاضرين في زمان محمد - عليه السلام - بقوله :« مِنْكُمْ » بأنه يستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وأن يمكن لهم دينهم المرضي، وأن يبدلهم بعد الخوف أمناً، ومعلوم أن المراد بهذا الوعد بعد الرسول هؤلاء، لأن استخلاف غيره لا يكون إلا بعده، ومعلوم ألا نبيّ بعده، لأنه خاتم الأنبياء، فإذن المراد بهذا الاستخلاف طريقة الإمامة، ومعلوم أن بعد الرسول لا يحصل هذا الاستخلاف إلاّ في أيام أبي بكر وعمر وعثمان، لأنّ في أيامهم كان الفتوح العظيم، وحصل التمكن، وظهر الدين والأمن، ولم يحصل ذلك في أيام عليّ - كرم الله وجهه - لأنه لم يتفرغ لجهاد الكفار، لاشتغاله بمحاربة من خالفه من أهل الصلاة، فثبت بهذا دلالة الآية على صحة خلافة هؤلاء. فإن قيل : الآية متروكة الظاهر، لأنها تقتضي حصول الخلافة لكل من آمن وعمل صالحاً، ولم يكن الأمر كذلك، نزلنا عنه، ولكن لم لا يجوز أن يكون المراد من قوله :« لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ » هو أنه تعالى أسكنهم في الأرض، ومكنهم من التصرف، لأنّ المراد خلافة الله، ويدل عليه قوله :﴿ كَمَا استخلف الذين مِن قَبْلِهِمْ ﴾ واستخلاف من كان قبلهم لم يكن بطريق الأمانة، فوجب أن يكون الأمن في حقهم أيضاً، كذلك نزلنا عنه، لكن هاهنا ما يدل على أنه لا يجوز حمله على خلافة رسول الله - ﷺ - لأن من مذهبكم أنه - عليه السلام - لم يستخلف أحداً، وروي عن علي - رضي الله عنه - أنه قال :« أنزلتكم كما نزلت نبي الله » فعبر عنه بلفظ الجمع على سبيل التعظيم كقوله تعالى :﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر ﴾ [ القدر : ١ ]، وقال في حق علي - رضي الله عنه - :﴿ الذين يُقِيمُونَ الصلاة وَيُؤْتُونَ الزكاة وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ [ المائدة : ٥٥ ]، نزلنا عنه، ولكن محمله على الأئمة الاثني عشر؟
والجواب عن الأول : أن كلمة « مِنْ » للتبعيض، فقوله :« مِنْكُمْ » يدل على أنَّ المراد من هذا الخطاب بعضهم.


الصفحة التالية
Icon