٣٨٥٧- فَلَمَّا قَرَعْنَا النَّبْعَ بالنَّبْعِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ أَبَتْ عيدَانُه أَنْ تَكَسَّرَا
ف « بعضه » بدل من « النَّبع » المنصوب، و « ببعض » بدل من المجرور بالياء.
الثالث : أنه مرفوعٌ بفعل مقدر، أي : يطوفُ بعضُكُم على بعض، لدلالة « طَوَّافُونَ » عليه، قاله الزمخشري. وقرأ ابن أبي عبلة :« طَوَّافينَ » بالنصب على الحال من ضمير « عَلَيْهِمْ ».

فصل


المعنى « ليس عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهم » يعني : العبيد والإماء والصبيان « جُنَاحٌ » في الدخول عليكم بغير استئذان « بَعْدَهُنَّ » أي : بعد هذه الأوقات الثلاثة، « طَوَّافُونَ علَيْكُمْ » أي : العبيد والخدم يطوفون عليكم : يترددون ويدخلون ويخرجون في أشغالهم بغير إذن ﴿ بَعْضُكُمْ على بَعْضٍ ﴾. فإن قيل : هل يقتضي ذلك إباحة كشف العورة ( لهم؟ فالجواب، لا، وإنما أباح تعالى ذلك من حيث كانت العادة لا تكشف العورة ) في غير تلك الأوقات، فمتى كشفت المرأة عورتها مع ظن دخول الخدم فذلك يحرم عليها. فإن كان الخادم مكلفاً حرم عليه الدخول إن ظن أن هناك كشف عورة.
فإن قيل : أليس في الناس من جوَّز للبالغ من المماليك أن ينظر إلى شعر مولاته؟
فالجواب : من جوَّز ذلك فالشعر عنده ليس بعورة في حق المماليك كما هو في حق الرحم، إذ العورة تنقسم أقساماً وتختلف بالإضافات.

فصل


هذه الإباحة مقصورة على الخدم دون غيرهم.
وقوله :﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ ﴾ هذا الحكم مختص بالصغار دون البالغين، لقوله بعد ذلك :﴿ وَإِذَا بَلَغَ الأطفال مِنكُمُ الحلم فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا استأذن الذين مِن قَبْلِهِمْ ﴾.
قوله :﴿ وَإِذَا بَلَغَ الأطفال مِنكُمُ الحلم ﴾ أي : الاحتلام، يريد : الأحرار الذين بلغوا « فَلْيَسْتَأْذِنُوا » أي : يستأذنون في جميع الأوقات في الدخول عليكم ﴿ كَمَا استأذن الذين مِن قَبْلِهِمْ ﴾ من الأحرار ( الكبار ). وقيل يعني الذين كانوا مع إبراهيم وموسى وعيسى ( عليهم السلام ) ﴿ كذلك يُبَيِّنُ الله لَكُمْ آيَاتِهِ ﴾ دلالاته. وقيل : أحكامه « واللَّهُ عَلِيمٌ » بأمور خلقه « حَكِيمٌ » بما دبر لهم. قال سعيد بن المسيب : يستأذن الرجل على أمه، فإنما أنزلت الآية في ذلك وسئل حذيفة : أيستأذن الرجل على والدته؟ قال :« نعم وإن لم تفعل رأيت منها ما تكره ».
قوله :﴿ والقواعد مِنَ النسآء ﴾. القواعدُ : من غير تاء تأنيث، ومعناه : القواعدُ عن النكاح، أو عن الحيض، أو عن الاستمتاع، أو عن الحبل، أو عن الجميع ولولا تخصيصهُنَّ بذلك لوجبت التاء نحو ضاربة وقاعدة من القعود المعروف.


الصفحة التالية
Icon