وقرأ ابن سليمان وطلحة بن سليمان « وَيَجْعَلَ » بالنصب، وذلك بإضمار أن على جواب الشرط، واستضعفها ابن جنيّ، ومثل هذه القراءة قوله :
٣٨٦٤- فَإِنْ يَهْلِكْ أَبُو قَابُوسَ يَهْلِكْ | رَبيعُ النَّاسِ والبَلَدُ الحَرَامُ |
وَنَأْخُذ بَعْدَهُ بِذِنَابِ عَيْشٍ | أَجَبَّ الظَّهْرِ لَيْسَ لَهُ سَنَامُ |
فصل
القصور جماعة القصر، وهو المسكن الرفيع. قال المفسرون : القصور هي البيوت المشيدة، والعرب تسمي كل بيت مشيد قصراً. ويحتمل أن يكون لكل جنة قصر فيكون مسكناً ومنتزهاً، ويجوز أن يكون القصور مجموعة والجنات مجموعة.
وقال مجاهد :« إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ جَنَّاتٍ » في الآخرة وقصوراً في الدنيا.
روي أنه - عليه السلام - قال :« عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي لِيَجْعَلَ لِي بَطْحَاءَ مَكة ذَهَباً، فقلتُ : لا يَا رَبِّ، وَلكِنْ أَشْبَعُ يَوْماً وأَجُوعُ يَوْماً - أَوْ قال ثَلاثاً، أَوْ نَحْوَ هَذَا - فإِذا جعْتُ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ وَدَعَوْتُكَ، وإذا شَبِعْت حَمِدْتُك وشَكَرْتُكَ » وروت عائشة قالت : قال رسول الله - ﷺ - :« لو شئتُ لسارت معي جبالُ الذهب جاءني ملكٌ فقال : إنَّ ربك يقرأ عليك السلام ويقول إِنْ شِئْتَ كنت نبياً عبداً، وإن شئْتَ نبياً مَلكاً، فنظرت إلى جبريل - عليه السلام - فأشار إليَّ أَنْ ضَعْ نَفْسَكَ، فقلت : نبياً عبداً قالت : وكان النبيُّ - ﷺ - بعد ذلك لا يأكل متكئاً، ويقول : آكل كما يَأْكُلُ العبدُ وأجلس كما يجلس العبد وعن ابن عباس قال : بينما رسول الله - ﷺ - جالس وجبريل - عليه السلام - معه فقال جبريل :» هذا مَلَكٌ قَدْ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ استأْذَنَ رَبَّهُ فِي زِيَارَتك « فلم يلبث إلا قليلاً حتى جاءَ المَلَكُ وسلم على رسول الله - ﷺ - وقال :» إِنَّ اللَّهَ يُخيركَ أَنْ يُعْطِيكَ مفاتيحَ كلِّ شيءٍ لَمْ يُعْطَ أحد قبلك ولا يعطيه أحداً بعدك من غير أن ينقصك مما أداك شيئاً « فقال عليه السلام : بل يجمعهما لي جميعاً في الآخرة » فنزل ﴿ تَبَارَكَ الذي إِن شَآءَ ﴾ الآية. قوله تعالى :﴿ بَلْ كَذَّبُواْ بالساعة ﴾ أي : بالقيامة، فلا يرجون ثواباً ولا عقاباً فلا يتكلفون النظر والفكر ولهذا لا ينتفعون بما يورد عليهم من الدلائل. ﴿ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بالساعة سَعِيراً ﴾. قال أبو مسلم :« أَعْتَدْنَا » أي : جعلناها عتيداً ومعدة لهم، والسعير : النار الشديدة الاستعار، وعن الحسن : أنه اسم جهنم.