قوله :﴿ كَانَ على رَبِّكَ ﴾ في اسم « كَانَ » وجهان :
أحدهما : أنه ضمير « ما يشاءون » ذكره أبو البقاء.
والثاني : أن يعود على الوعد المفهوم من قوله « وُعِدَ المُتَّقُونَ ». و « مَسْؤولاً » على المجاز، يسأل هل وفى لك أم لا، أو يسأله من وعد به.

فصل


قوله :﴿ كَانَ على رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً ﴾ يدل على أن الجنة حصلت بحكم الوعد لا بحكم الاستحقاق كما تقدم. وقوله :« مَسْؤولاً » أي : مطلوباً، قيل : إن المتقين سألوا ربهم في الدنيا فقالوا :﴿ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا على رُسُلِكَ ﴾ [ آل عمران : ١٩٤ ] وقال محمد بن كعب القرظي : الملائكة سألوا ربهم للمؤمنين بقولهم :﴿ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ التي وَعَدْتَّهُمْ ﴾ [ غافر : ٨ ].
وقيل : إن المكلفين سألوه بلسان الحال؛ لأنهم لما تحملوا المشقة الشديدة في طاعة الله كان ذلك قائماً مقام السؤال، قال المتنبي :
٣٨٦٧- وَفِي النَّفْسِ حَاجَاتٌ وَفِيكَ فَطَانَةٌ سُكُوتِي كَلاَمٌ عَنْدَهَا وَخِطَابُ
وقيل :« وَعْداً مَسؤولاً » أي : واجباً وإن لم يسأل. قاله الفراء وقيل :« مَسْؤولاً » أي : من حقه أن يكون مسؤولاً، لأنه حق واجب إما بحكم الاستحقاق على قول المعتزلة، أو بحكم الوعد على قول أهل السنة.


الصفحة التالية
Icon