وقال الزمخشري : أو مفعول ثالث ل « جَعَلْنَاهُ » أي : فَجَعَلْنَاهُ جامعاً لحقارة الهَبَاء والتناثر، كقوله :« كُونُوا » ﴿ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴾ [ الأعراف : ٦٦ ] أي : جامعين للمسخ والخسأ.
قال أبو حيان : وخالف ابن درستويه، فخالف النحويين في منعه أن يكون ل ( كان ) خبران وأزيد، وقياس قوله في ( جعل ) أن يمنع أن يكون لها خبر ثالث.
قال شهاب الدين : مقصوده أن كلام الزمخشري مردودٌ قياساً على ما منعه ابن درستويه من تعديد خبر ( كَانَ ).
قوله :﴿ أَصْحَابُ الجنة يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً ﴾ أي : من هؤلاء المشركين المستكبرين. « وَأَحْسَن مَقِيلاً » موضع قائلة. وفي ( أَفْعَل ) هاهنا قولان :
أحدهما : أنها على بابها من التفضيل، والمعنى : أن المؤمنين خير في الآخرة مُسْتَقَراً من مُسْتَقَرِّ الكفار « وَأَحْسَنُ مَقِيلاً » من مقيلهم، لو فرض أن يكون لهم.
والثاني : أن يكون لمجرَّد الوصف من غير مفاضلةٍ.
فصل
قال المفسرون : يعني أن أهل الجنة لا يمرّ بهم يوم إلا قدر النهار من أوله إلى قدر القائلة حتى يسكنوا مساكنهم من الجنة.
قال ابن مسعود : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، وقرأ :« ثُمَّ إن مَقِيلَهُمْ لإلى الجَحِيمِ » وهكذا كان يقرأ.
وقال ابن عباس في هذه الآية : الحساب ذلك اليوم في أوله. وقال قوم : حين قالوا في منازلهم.
قال الأزهري : القيلولة والمقيل : الاستراحة نصف النهار وإن لم يكن مع ذلك نوم، لأن الله قال :« وَأَحْسَنُ مَقِيلاً » والجنة لا نوم فيها.
وروي « أن يوم القيامة يقصر على المؤمنين حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس ».