قال : ويضعف أن يكون « خَبِيراً » حالاً من فاعل « اسْأَلْ » ؛ لأن « الخبير » لا يسأل إلا على جهة التوكيد كقوله :﴿ وَهُوَ الحق مُصَدِّقاً ﴾ [ البقرة : ٩١ ]. ثم قال : ويجوز أن يكون حالاً من « الرَّحْمَنُ » إذا رفعته ب « اسْتَوَى ». والثاني : أن تكون الباء بمعنى « عن » إما مطلقاً وإما مع السؤال خاصة كهذه الآية الكريمة، وكقول علقمة بن عبدة :

٣٨٨٠- فإنْ تَسَْأَلُونِي بِالنِّسَاءِ فَإنَّنِي خَبِيرٌ بِأَدْوَاءِ النِّسَاءِ طَبِيبُ
والضمير في « به » لله تعالى، و « خَبِيراً » من صفات الملك وهو جبريل قال ابن عباس : إن ذلك الخبير هو جبريل - عليه السلام - وإنما قدم لرؤوس الآي وحسن النظم وهو قول الزجاج والأخفش. ويجوز على هذا أي : كون « خَبِيراً » من صفات جبريل، أن تكون الباء على بابها، وهي متعلقة ب « خبير » كما تقدم، أي : فاسأل الخبراء به.
وقال ابن جرير : الباء في « بِهِ » صلة، والمعنى : فاسأله خبيراً و « خَبِيراً » نصب على الحال. وقيل : قوله :« بِهِ » يجري مجرى القسم كقوله :﴿ واتقوا الله الذي تَسَآءَلُونَ بِهِ ﴾ [ النساء : ١ ].
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسجدوا للرحمن ﴾ الآية. قال أكثر المفسرين : الرحمن اسم من أسماء الله مكتوب في الكتب المتقدمة والعرب ما عرفوه.
قال مقاتل :« إن أبا جهل قال : إن الذي يقول محمد شعر، فقال عليه السلام :» الشعر غير هذا إن هذا إلا كلام الرحمن «، فقال أبو جهل : بخ بخ لعمري والله إنه لكلام الرحمن الذي باليمامة هو يعلمك، فقال عليه السلام :» الرحمن الذي في السماء ومن عنده يأتيني الوحي «، فقال : يا أبا غالب من يعذرني من محمد يزعم أن الله واحد وهو يقول : الله يعلمني والرحمن، ألستم تعلمون أنهما إلهان » قال القاضي : والأقرب أن مرادهم إنكار الله لا الاسم، لأن هذه اللفظة عربية وهم كانوا يعلمون أنها تفيد المبالغة في الإنعام، ثم إن قلنا : إنهم كانوا منكرين ( لله كان قولهم ) :« وَمَا الرَّحْمَن » سؤال عن الحقيقة كقول فرعون :﴿ وَمَا رَبُّ العالمين ﴾ [ الشعراء : ٢٣ ]، وإن قلنا : إنهم كانوا مقرين بالله لكنهم جهلوا كونه تعالى مسمى بهذا الاسم كان قولهم « وَمَا الرَّحْمَن » سؤال عن هذا الاسم.
قوله :﴿ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا ﴾ قرأ الأخوان بياء الغيبة، يعنون محمداً كأن بعضهم قال لبعض : أنسجد لما يأمرنا محمدٌ أو يأمرنا المسمى بالرحمن ولا نعرف ما هو.


الصفحة التالية
Icon