٣٨٩٠- جَزَى اللَّهُ ابْنَ عُرْوَةَ حَيْثُ أَمْسَى | عُقُوقاً وَالعُقُوقُ لَهُ أَثَامُ |
وقيل : هو الإثم نفسه، أي : يَلْقَ جَزَاءَ إثْمٍ. قال أبو مسلم : والأثام والإثم واحد، والمراد هاهنا جزاء الأثام، فأطلق اسم الشيء على جزائه.
وقال الحسن : الأثام اسم من أسماء جهنم، وقال مجاهد : اسم وادٍ في جهنم وقيل : بئر فيها. وقرأ ابن مسعود :« أَيَّاماً » جمع يومٍ، يعني شدائد، والعرب تعبر عن ذلك بالأيَّام، يقال : يوم ذو أيام لليوم الصعب.
قوله :« يُضَاعَفْ » قرأ ابن عامر وأبو بكر برفع « يُضَاعَف » و « يَخْلُدُ » على أحد وجهين : إمَّا الحال، وإمَّا على الاستئناف. والباقون بالجزم فيهما بدلاً من « يَلْقَ » بدل اشتمال، ومثله قوله :
٣٨٩١- مَتَى تَأْتِنَا تُلْمِمْ بِنَا في دِيَارِنَا | تَجِدْ حَطَباً جَزْلاً وَنَاراً تأَجَّجَا |
و « مُهَاناً » حال، وهو اسم مفعول من أَهَانَهُ يُهِينُه، أي : أَذَلَّه وأَذَاقَهُ الهَوَانَ.
فصل
قال القاضي : بَيّن الله تعالى ( أن ) المضاعفة والزيادة يكون حالها في الزيادة كحال الأصل، فقوله :« وَيَخْلُد فِيهِ » أي : ويخلد في ذلك التضعيف، وذلك إنما حصل بسبب العقاب على المعاصي، فوجب أن يكون عقاب هذه المعاصي في حق الكافر دائماً، وإذا كان كذلك وجب أن يكون في حق المؤمن كذلك؛ لأن حاله فيما يستحق به لا يتغير سواء فعل مع غيره، أو منفرداً.
والجواب : لم لا يجوز أن يكون للإتيان بالشيء مع غيره أثر في مزيد القبح، ألا ترى أن الشيئين قد يكون كل واحد منهما في نفسه حسناً وإن كان الجميع قبيحاً، وقد يكون كل واحد منهما قبيحاً، ويكون الجمع بينهما أقبح. وسبب تضعيف العذاب أن المشرك إذا ارتكب المعاصي مع الشرك فيعذب على الشرك وعلى المعاصي، فتضاعف العقوبة لمضاعفة المعاقب عليه، وهذا يدل على أن الكفار مخاطبون بفروع الإسلام.
قوله :﴿ إِلاَّ مَن تَابَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : وهو الذي لم يعرف الناس غيره : أنه استثناء متصل؛ لأنه من الجنس.
والثاني : أنه منقطع. قال أبو حيان : ولا يظهر، يعني الاتصال؛ لأن المستثنى منه محكوم عليه بأنه يضاعف له العذاب ( فيصير التقدير : إلاَّ مَنْ تَابَ وآمَنَ وعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَلاَ يُضَاعَفُ لَهُ العَذَابُ )، ولا يلزم من انتفاء التضعيف انتفاء العذاب غير المُضَعَّف، فالأولى عندي أن يكون استثناءً منقطعاً، أي : لكن مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيّآتِهِمْ حَسَنَاتٍ وإذا كان كذلك فلا يلقى عذاباً ألبتة.