وقيل : المعنى : قل ما يعبأ بخلقكم ربي لولا عبادتكم وطاعتكم إياه، يعني أنه خلقكم لعبادته كما قال :﴿ وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾ [ الذاريات : ٥٦ ]. قاله ابن عباس ومجاهد. وقيل : معناه ما يبالي بمغفرتكم ربي لولا دعاؤكم معه آلهة، أو ما يفعل الله بعذابكم لولا شرككم كما قال :﴿ مَّا يَفْعَلُ الله بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾ [ النساء : ١٤٧ ].
قوله :« فَقَدْ كَذَّبْتُمْ » أيها الكافرون يخاطب أهل مكة، يعني أن الله دعاكم بالرسول إلى توحيده وعبادته فقد كذبتم الرسول ولم تجيبوه. وقرئ « فقد كذب الكافرون » قوله :﴿ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً ﴾ أي : فسوف يلزمكم أثر تكذيبكم، وهذا عقاب الآخرة، ونظيره أن يقول الملك لمن استعصى عليه : إن من عادتي أن أحسن إلى من يطيعني فقد عصيت فسوف ترى ما أحل بك بسبب عصيانك.
قوله :« لِزَاماً » قرئ بالفتح يعني اللزوم كالثبات والثبوت.
قال ابن عباس : موتاً. وقال أبو عبيدة : هلاكاً. وقال ابن زيد : قتالاً والمعنى : يكون التكذيب لازماً لمن كذب فلا يعطى التوبة حتى يجازى بعمله. وقال ابن جريج : عذاباً دائماً لازماً وهلاكاً مُفْنِياً يلحق بعضكم ببعض. قال ابن مسعود وأبيّ بن كعب ومجاهد ومقاتل : هو يوم بدر واتصل بهم عذاب الآخرة لازماً لهم. وقال عبد الله بن مسعود : خمس قد مضين الدخان والقمر واليوم والبطشة واللزام :﴿ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً ﴾. روى الثعلبي عن أبيّ بن كعب قال : قال رسول الله ﷺ :« من قرأ سورة الفرقان بعثه الله يوم القيامة وهو يؤمن أن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور، ودخل الجنة بغير حساب ».


الصفحة التالية
Icon