٣٩٢٧ - قَالَتْ بَنُو عَامِرٍ خَالُوا بَنِي أَسَدٍ يَا بُؤْسَ لِلْجَهْلِ ضَرَّاراً لأَقْوَامِ
وكتبوا في الرسم الكريم :« عُلَمواء » بواو بين الميم والألف. قيل : هو على لغة من يميل الألف نحو الواو، وهذا كما فعل في « الصَّلاة والزَّكْاة ».

فصل


المعنى : أو لم يكن لهؤلاء المنكرين علم بني إسرائيل علامة ودلالة على نبوة محمد - ﷺ - لأنّ العلماء الذين كانوا من بني إسرائيل كاناو يخبرون بوجود ذكره في كتبهم، كعبد الله بن سلام، وابن يامين، وثعلبة، وأسد، وأسيد. قال ابن عباس : بعث أهل مكة إلى اليهود بالمدينة فسألوهم عن محمد - ﷺ - فقالوا : إنَّ هذا لزمانه، وإنا لنجد في التوراة نعته وصفته، فكان ذلك آية على صدقه.
قوله :﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ على بَعْضِ الأعجمين ﴾. قال صاحب التحرير : الأعجمين : جمع أعجمي بالتخفيف، ولولا هذا التقدير لم يجز أن يجمع جمع سلامة.
قال شهاب لادين : وكأنَّ سبب منع جمعه أنه من باب : أفعل فعلاء، ك « أَحْمَرَ حَمْرَاءَ ». والبصريون لا يجيزون جمعه جمع سلامة إلاّ ضرورة، كقوله :
٣٩٢٨ - حَلاَئِلَ أَسْوَدِينَ وَأَحْمَرِينَا... فلذلك قدره مسنوباً مخفف الياء. وقد جعله ابن عطية « أَعْجَم » فقال : الأعجمون : جمع أعجم، وهو الذي لا يفصح وإن كان عربي النسب يقال له : أعجم، وذلك يقال للحيوانات، ومنه قول النبي - ﷺ - :« العَجْمَاء جُبَار » وأسند الطَّبريّ عن عبد الله بن مطيع أنه كان واقفاً بعرفة وتحته جمل، فقال : جَمَلِي هذا أَعْجَمٌ، ولو أنَّه أنزل عليه ما كانوا يؤمنون.
والعجميُّ : هو الذي نسبته في العجم وإن كان أفصح الناس.
وقال الزمخشري : الأعجم : الذي لا يفصح، وفي لسانه عجمة واستعجام، والأعجمي مثله لا أنَّ فيه زيادة ياء النسب توكيداً. وقتدم نحو من هذا في سورة النحل وقد صرَّح أبو البقاء يمنع أن يكون « الأعْجَمِينَ » جمع أعجم، وإنما هو جمع أعجمي مخففاً من « أَعْجَمِيّ » « كَالأَشْعَرُون » في الأَشْعَرِيّ. قال :« الأعجمين » الأعجميِّين، فحذف ياء النسب، كما قالوا :( الأَشْعَرُونَ أي ) : الأَشْعَرِيُّون، وواحده ( أَعْجَمِي ) ولا يجوز أن يكون جمع ( أَعْجَم ) لأنَّ مؤنثه ( عَجْمَاء )، ومثل هذا لا يجمع جمع التصحيح. قال شهاب الدين : وفيما قاله ابن عطية نظر، وأام الزمخشري فليس في كلامه أنه جمع ( أَعْجَم ) مخففاً أو غير مخفف، وإن كان ظاهره أنه جمع ( أعجم ) من غير تخفيف، ولكن الذي قاله ابن عطية تبع فيه الفراء فإنَّه قال : الأعجمين : جمع ( أَعْجَم ) أو ( أَعْجَمِي ) على حذف ياء النسب، كما قالوا : الأشعرين وواحدهم. ( أشعري ) وأنشد للكميت :
٣٩٢٩ - وَلَوْ جَهَّزتَ قَافِيةً شَرُوداً لَقَدْ دَخَلَتْ بيُوتَ الأَشْعَرِينَا
لكن الفراء لا يضره ذلك، فإنه من الكوفيين، وقد تقدم عنهم أنهم يجيزون جمع ( أَفْعَل فَعْلاَء ).


الصفحة التالية
Icon