يريد بالزيادة : أن النبأ أخص من الخبر، لأأنه لا يقال إلا فيما له شأن من الأخبار، بخلاف الخبر، فإنه يطلق على ما له شأن، وعلى ما لا شأن له، فكلّ نبأ خبر من غير عكس. وبعضهم يعبر عن نحو :﴿ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ ﴾ في علم البديع بالترديد، قاله صاحب التحرير، وقال غيره : إن الترديد عبارة عن رد أعجاز البيوت على صدورها، أو ردّ كلمة من النصف الأول إلى النصف الثاني، فمثال الأول قوله :
٣٩٤٩ - سَرِيعٌ إِلَى ابْنِ العَمِّ يَلْطمُ وَجْهَهُ | وَلَيْسَ إلَى دَاعِي الخَنَا بِسَرِيعِ |
٣٩٥٠ - وَاللَّيَالِي إِذَا نَأَيْتُمْ طِوَالٌ | واللَّيَالِي إذَا دَنَوْتُمْ قِصَارُ |
قوله :﴿ إِنِّي وَجَدتُّ امرأة تَمْلِكُهُمْ ﴾ لما قال الهدهد لسليمان :﴿ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ﴾، قال سليمان : وما ذاك؟ قال :﴿ إِنِّي وَجَدتُّ امرأة تَمْلِكُهُمْ ﴾ وكان اسمها بلقيس بنت شراحيل، وكان أبوها ملك أرض اليمن من نسل يعرب بن قحطان، وكان ملكاً عظيم الشأن، وكان يقول لملوك الأطراف : ليس أحد منكم كفؤاً لي، وأبى أن يتزوج منهم فزوجوه امرأة من الجن يقال لها : ريحانة بنت السكن، فولدت له بلقيس ولم يكن له ولد غيرها، وفي الحديث :« إن أحد أبوي بلقيس كان جنِّياً » وكانت هي وقومها مجوساً يعبدون الشمس، والضمير في « تملكهم » راجع إلى « سبأ »، فإن أريد به القوم فالأمر ظاهر، وإن أريد المدينة فمعناه : تملك أهلها، قال عليه السلام لما بلغه أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى :« لن يفلح قوم ولَّوْا أمرهم امرأة »
قوله :﴿ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ ﴾ يجوز أن يكون معطوفاً على « تَمْلِكُهُمْ »، وجاز عطف الماضي على المضارع، ( لأن المضارع ) بمعناه، أي : ملكتهم، ويجوز أن يكون في موضع نصب على الحال من مرفوع « تملكهم ».