الثاني : أنه من كلام سليمان وأتباعه، فاضمير في قبلها عائد على بلقيس، فكأن سليمان وقومه قالوا : إنها قد أصابت في جوابها وهي عاقلة، وقد رزقت الإسلام، ثم عطفوا على ذلك قولهم : وأوتينا نحن العلم بالله وبقدرته على ما يشاء من قبل هذه المرأة مثل علمها، وغرضهم من ذلك شكر الله تعالى في أن خصهم بمزيد التقدم في الإسلام، قاله مجاهد.
قوله :﴿ وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ الله ﴾ في فاعل « صَدَّ » ثلاثة أوجه :
أحدها : ضمير الباري.
والثاني : ضمير سليمان، أي منعها ما كانت تعبد من دون الله، وهو الشمس، وعلى هذا ف ﴿ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ ﴾ منصوب على إسقاط الخافض، أي : وصدّها الله أو سليما عما كانت تعبدُ من دون الله، قاله الزمخشري مجوزاً له. وفيه نظر من حيث إن حذف الجار ضرورة، كقوله :

٣٩٦٥ - تَمُرُّونَ الدِّيَارَ فَلَمْ تَعُوجُوا كذا قاله أبو حيان، وقد تقدم آيات كثيرة من هذا النوع.
الثالثك أن الفاعل هو « ما كانت » أي : صدها ما كانت تعبد عن الإسلام، ( أي : صدها عبادة الشمس عن التوحيد ). والظاهر أنّ الجملة من قوله :« وصدّها » معطوفة على قوله « وأُوتِينَا ». وقيل : هي حال من قوله : أم تكون من الذين و ( قد ) مضمرة، وهذا بعيد جداً. وقيل : هو مستأنف إخباراً من الله تعالى بذلك.
قوله :﴿ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ ﴾ يعبدون الشمس، والعامة على كسر « إنّها » استئنافاً وتعليلاً : وقرأ سعيد بن جبير وأبو حيوة بالفتح، وفيها وجهان :
أحدهما : أنها بدل من ﴿ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ ﴾ أي : وصدّها « أنّها كانت ».
والثاني : أنها على إسقاط حرف العلة، أي : لأنّها، فهي قريبة من قراءة العامة.


الصفحة التالية
Icon