قوله :﴿ وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور ﴾ هذه العلامة الثانية لقيام القيامة، والصور : قرن ينفخ فيه إسرافيل، فإذا سمع الناس ذلك الصوت يصيحون ثم يموتون، وهذا قول الأكثرين. وقال الحسن : الصور هو الصوَر، وأول بعضهم كلامه أن الأرواح تجتمع في القرن ثم ينفخ فيه فتذهب الأرواح إلى الأجساد، فتحيا الأجساد. قوله :﴿ فَفَزِعَ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض ﴾ قال :« فَفَزَعَ » بلفظ الماضي ولم يقل فيفزع لتحققه وثبوته وأنه كائن لا محالة، لأن الفعل الماضي يدل على وجود الفعل، كقوله :﴿ أتى أَمْرُ الله ﴾ [ النحل : ١ ]. والمعنى : يلقى عليهم الفزع إلى أن يموتوا، قيل : ينفخ إسرافيل في الصور ثلاث نفخات : نفخة الفزع، ونفخة الصعف، ونفخة القيام لرب العالمين.
قوله :﴿ إِلاَّ مَن شَآءَ الله ﴾ فالمراد إلا من ثبّت الله قلبه من الملائكة، قالوا : وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، وجاء في الحديث : أنهم الشهداء متقلدون أسيافهم حول العرش، قال سعيد بن جبير وعطاء عن ابن عباس هم الشهداء، لأنهم أحياء عند ربهم. وعن الضحاك : هم رضوان والحور وخزنة النار وحملة العرش. و « كُلٌّ أَتَوْهُ » أي الذين أُحْيُوا بعد الموت. قوله :« أَتَوْهُ » قرأ حمزة وحفص :« أَتَوْهُ » فعلاً ماضياً ومفعوله الهاء، والباقون :« آتوه » : اسم فاعل مضافاً للهاء، وهذا حمل على معنى « كُلّ » وهي مضافة تقديراً، أي : وكلهم. وقرأ قتادة :« أتَاهُ » ماضياً مسنداً لضمير « كلّ » على اللفظ، ثم حمل على معناها، فقرأ « دَاخِرِين »، والحسن والأعرج « دَخِرِينَ » بغير ألف أي : صاغرين :


الصفحة التالية
Icon