قووله :« وَحَزَناً » قرأ العامة بفتح الحاء والزاي، وهي لغة قريش، والأخوان بضم وسكون وهما لغتان بمعنى واحد كالعَدَمَ والعُدْمِ :﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ ﴾ العامة على الهمز، مأخوذٌ من الخطأ ضد الصواب، وقراء بياء دون هَمْزٍ، فاحتمل أن يكون كالأول، ولكن خُفِّفَ، وأن يكون من خَطَا يَخْطُوا أي : تَجاوز الصَّوابَ.
قوله :﴿ قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ ﴾ فيه وجهان :
أظهرهما : أنه خبر مبتدأ مضمر، أي : هُو قُرَّة عينٍ.
الثاني - وهو بعيد جداً - أن يكون مبتدأ والخبر « لاَ تَقْتُلُوهُ ». وكان هذا القائل حقه أن لا يُذكِّر، فيقول :« لاَ تَقْتُلُوها »، إلا أنه لما كان المراد مذكر ساغ ذلك، والعامة من القراء والمفسرين وأهل العلم يقفون على « ولَكَ ». ونقل ابن الأنباري بسنده إلى ابن عباس عنه أنه وقف على « لاَ » أي : هو « قُرَّةُ عَيْنٍ لِي » فقط، « وَلَكَ لاَ »، أي : ليس هو لك قرة عين، ثم يبتدىء بقوله « تَقْتُلُوه »، وهذا لا ينبغي أن يصحَّ عنه، وكيف يبقى « تَقْتُلُوه » من غير نون رفع، ولا مُقْتَضى لحذفها؟ ولذلك قال الفراء : هو لن.
قوله :﴿ عسى أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً ﴾. كانت لا تلدن فاستوهبت موسى من فرعون، فوهبه لها، وقال فرعون : أَمَّا أنا فلا حاجة لي به، قال رسول الله ﷺ « لو قال يومئذ قرة عين لي كما هو لَكِ، لهداه الله كما هداها » وقال لآسية سميه، قالت : سميته موسى لأنا وجدناه في الماء والشجر، ( فَمُو هو الماء، و ( شا ) هو البحر، فذلك قوله :﴿ فالتقطه آلُ فِرْعَوْنَ ﴾. والالتقاط : هو وجود الشيء ).
قوله :﴿ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ جملة حالية، وهل هي من كلام الباري تعالى وهو الظاهر، أو من كلام امرأة فرعون؟ كأنها لما رأت ملأه أشاروا بقتله، قالت له كذا؛ أي : أفعل أنت ما أقول لك وقومك لا يشعرون أنا التقطناه - قال الكلبي، وجعل الزمخشري الجملة من قوله :﴿ وَقَالَتِ امرأة فِرْعَوْنَ ﴾ معطوفة على « فَالتَقَطَهُ » والجملة من قوله :﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ ﴾ إلى « خَاطِئِينَ » مُعترضة بين المتعاطفين، وجعل متعلق الشعور من جنس الجملة المعترضة أي : لا يشعرون أنهم على خطأ في التقاطه، أو أن هلاكهم على يديه، قال أبو حيان : ومتى أمكن حَمْلُ الكلام على ظاهره من غير فصل كان أحسن.